منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم

منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أخبار جديدة ومستمرة (أحمد عصام عنان)

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» تجربتي مع مواقع الشراء
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالثلاثاء 4 أكتوبر 2016 - 17:46 من طرف مصطفى مرسى

» منهجية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ظل المعيار الجديد
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:58 من طرف دينا بسيوني

» النظام الالكترونى للمراقبة والتحكم والسيطرة بالكاميرات
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:57 من طرف دينا بسيوني

» تأمين الاحتفالات والمؤتمرات والإجتماعات
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:56 من طرف دينا بسيوني

» توقيع وتحديد المشاريع الهندسية بأستخدام المساحة
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:56 من طرف دينا بسيوني

» الابتكار والإبداع في إدارة المخازن ، المواد و المخزون الراكد
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:55 من طرف دينا بسيوني

» الأمن الصناعي (مهارات السلامة في مواقع العمل)
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:55 من طرف دينا بسيوني

» تخطيط عمليات التخزين والرقابة على المخزون
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:54 من طرف دينا بسيوني

» فرصة متميزة لإنشاء مكاتب المقاولات والتشطيبات والمكاتب العقارية
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 19 سبتمبر 2013 - 10:27 من طرف Hussein Juma

» دورة التقييم العقاري(المستوى الاول)
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Icon_minitimeالخميس 19 سبتمبر 2013 - 10:26 من طرف Hussein Juma


    مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ

    Genius
    Genius


    عدد المساهمات : 15
    تاريخ التسجيل : 13/05/2009
    العمر : 36

    مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Empty مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ

    مُساهمة  Genius الأربعاء 19 يناير 2011 - 21:07

    قال الله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (العنكبوت:41) هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.
    فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها، الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر، وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد. والفائدة: التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس. وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء ).
    ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى المحنة والشدَّة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى. وتبتدئ السورة الكريمة بعد المطلع﴿ الم ﴾ بهذا البدء الصريح:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس، يحسبون الإِيمان كلمةً تقال باللسان، فإِذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتجميلوا إِلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإِسلام تخلصًا من عذاب الدنيا؛ كأن عذاب الآخرة أهون من عذاب الدنيا﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ﴾ الآيات.
    ثم تمضي السورة تتحدث عن محنة الأنبياء عليهم السلام، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب- عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم: ﴿ فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾(العنكبوت:40).
    وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض‏,‏ والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله‏ تعالى,‏ ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه‏ سبحانه وتعالى,‏ وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت‏، هي هزيلة‏ ضعيفة‏ واهنة‏,‏ وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن‏‏,‏ والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾(العنكبوت:41).
    فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، ويرجون نفعهم مَثَلُهُمْ في ذلك؛ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بيتًا واهنًا، فكانوا كالعنكبوت في ضعفها وصغر شأنها؛ بل هم في يد القدرة القادرة، وإزاء سلطان الله الغالب القاهر أقل من العنكبوت شأنًا، وأضعف منها حيلة وحولاً. أما أولياؤهم، الذين دخلوا في حماهم فهم أوهن من بيت العنكبوت؛ لأن هذا له حقيقة وانتفاعًا في الجملة، وأولئك لا حقيقة لهم، ولا نفع؛ لأنهم لا يدفعون عمَّن والاهم أذى، ولا يردون عنهم شرًا.
    ويعَدُّ هذا المثل من أحسن الأمثال، وأدلها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه، وحصوله على ضد مقصوده. وهو كالمرآة، التي يرى الناس عليها- وخاصة أولئك الذين غلظت طباعهم، وتبلدت مشاعرهم- صورة تجسم ضعف أولئك الأولياء من دون الله عامة، ووهن الملجأ الذي يلجأ إليه من والاهم حين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم، وترسم لذلك كله صورة مزدوجة؛ فهم عناكب ضئيلة واهنة، تأوي من حمى هؤلاء الأولياء إلى بيت؛ كبيت العنكبوت أوهن وأضأل. فمن لم تحالفه قدرته وأقداره على النظر في الآيات والعبر، التي تركها الله في بيوت الظالمين، لأي سبب كان، فإن حجة الله عز وجل لا تسقط عنه؛ ذلك أنه سبحانه وتعالى قد بثها كاملة غير منقوصة في بيت العنكبوت. وفي تمثيل الذين اتخذوا من دون الله أولياء بالعنكبوت، وتمثيل أوليائهم ببيت العنكبوت إعجاز من إعجاز القرآن؛ إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة، تفرزه من غدد خاصة بذلك، وتوزعه مغازلها الصغيرة، فإذا لامس الهواء، تماسك وتصلَّب في صورة خيوط برَّاقة.
    وهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ إنما أقاموا معتقدهم الفاسد، الذي يعتقدونه، ويلتمسون الطمأنينة والأمن في ظله؛ إنما أقاموه من تلك الأبخرة العفنة، التي تتصاعد من مشاعرهم، فتتشكل منها تلك الأوهام الخادعة، ويقوم عليها ذلك البناء المتداعي. والمراد بالموصول في قوله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ﴾ جميع من اتخذ غير الله تعالى متكلاً ومعتمدًا، آلهة كان ذلك، أو غيرها من بني البشر؛ ولهذا عُدِل من{ آلهة }إلى قوله تعالى:﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾.
    وفي ذلك إشارة إلى إبطال الشرك الخفي؛ فإن من عبد الله تعالى رياء لغيره، فقد اتخذ وليًّا غيره، فمثله﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾. وتنكير﴿ أَوْلِيَاءَ ﴾ للتنويع، فيدل على أن الأولياء أنواع، لا نوع واحد. ومفرده وليٌّ. وأصل الولي جعل الثاني بعد الأول من غير فصل، من قولهم: هذا يلي ذاك. ويجري الوليُّ في الصفة على التابع والمتبوع، والمُعَان، والمُعين. تقول: الله وليُّ المؤمنين. أي: معينهم. والمؤمن وليُّ الله. أي: المُعَان بنصر الله عز وجل.
    ويقال: الشيطان وليُّ الكافرين والمنافقين، وهم أولياء الشيطان. ويقال: الكافرون بعضهم أولياء بعض. وكذلك: المؤمنون. قال تعالى:﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾(البقرة:257). وقال تعالى:﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾(النساء:76). وقال تعالى:﴿ وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾(الجاثية:19).
    وقال تعالى:﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾(النساء:138-139). وقال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْدُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾(النساء:144). وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(المائدة:51).
    ولهذا لا يجوز قصر المراد من لفظ { الأَْْْْوْلِيَاءِ } على الآلهة، التي يعبدها المشركون من دون الله تعالى. والواو والتاء في﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾زائدتان‏؛‏ كما في طاغوت‏، وطالوت.‏ فأصله على هذا:عنكب، ووزنه: فعلل، ونونه أصلية. وقيل: زائدة، ووزنه: فنعل، فأصله على هذا: عكَب، بمعنى الشدَّة في السير؛ فكأنه لشدة وثبه لصيد الذباب، أو لشدة حركته عند فراره، أطلق عليه اسم: العنكبوت. وقد ذكر سيبويه القولين، والمشهور منهما الأول. والعنكب الذكر، ويجمع على: عناكب، وعناكيب، والأنثى منه عنكبة، وتجمع على: عنكبات. أما العنكبوت فيجمع على: عنكبوتات. و﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ حيوان صغير، له ثمانية أرجل، ويغزل خيوطًا تشبه الحرير. وأكثر ما تشتهر به العناكب هو غزلها لخيوط الشراك، التي تستخدمها في صيد الحشرات؛ لتتغذى بها.
    ولا تسْلم الحشرات حتى الأضخم والأقوى منها من مخاطر شراكها. ولجميع العناكب أنياب، ولمعظمها غدد سامة؛ حيث تستخدم العناكب كلاً من هذه الأنياب والغدد في صيد الحيوانات؛ لتتغذى بها. ويمكن للدغة العنكبوت أن تقتل الحشرات والحيوانات الصغيرة؛ إلا أن قليلاً منها يلحق ضررًا بالإنسان؛ وذلك لأن العنكبوت عادة لا يلدغ الإنسان، إلا إذا أثاره بشدة. ويعتقدُ كثيرٌ من الناس أن العناكب حشرات، إلا أن العلماء يصنفونها على أنها من العنكبيات، التي تختلف عن الحشرات في عدة أشياء. فالعناكب مثلاً لها ثمانية أرجل، بينما للنحل والنمل والخنافس والحشرات الأخرى ستة أرجل فقط. وإضافة إلى ذلك تمتلك معظم الحشرات أجنحة، وقرون استشعار، وهذه غير موجودة في العناكب. وتشمل العنكبيات الأخرى: العقارب والحصَّاد والقُمّل، والقراد.
    ويطلق لفظ ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ على الواحد والجمع‏,‏ والمذكر والمؤنث‏.‏ إلا أن الغالب في استعماله التأنيث. جاء في كتاب(حياة الحيوان الكبرى) للدُّمَيْني:” العنكبوت:دويبة تنسج في الهواء، وجمعها عناكب. والذكر عنكب وكنيته أبو خيثمة، وأبو قشعم، والأنثى أم قشعم، ووزنه فعللوت. وهي قصار الأرجل، كبار العيون، للواحد ثمانية أرجل وست عيون. فإذا أراد صيد الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه “.
    وهذا النوع من العناكب يسمَّى: ليث عفرين. قال عنه الجاحظ في كتابه الحيوان:”إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمَّى: الليث، وله ست عيون. فإذا رأى الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، فمتى وثب، لم يخطىء“. وجاء في لسان العرب لابن منظور:”العنكبوت: دويبة معروفة، تنسج في الهواء، وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلاً‏، مؤنثة. وربما ذكِّرت في الشعر. قال أبو النجم: ممَّا يُسَدِّي العنكبوت، إذ خلا قال أبو حاتم: أظنه: إذ خلا المكان والموضع.
    ( يعني: أن الضمير في: خلا، لا يعود على العنكبوت، وبالتالي ليس فيه دليل على تذكير اللفظ كما زعم بعضهم ). وأما قوله: كأن نسج العنكبوت المُرْمِلِ فإنما ذكَّره؛ لأنه أراد النسج؛ ولكنه جره على الجوار.( يعني: أنه ذكَّر لفظ: المرمل؛ لأنه صفة للنسج. ولو كان صفة للعنكبوت، لوجب تأنيثه). ‏وقال الفراء: العنكبوت أنثى، وقد يذكرها بعض العرب، وأنشد قوله: على هطَّالهم منهم بيوت *** كأن العنكبوت هو ابتناها قال: والتأنيث في العنكبوت أكثر، والجمع: العنكبوتات، وعناكب، وعناكيب “. وأراد بـ(هطَّالهم): جبالهم. ومن استعمالها جمعًا قول الطِّرِمَّاح: ولو أن أمَّ العنكبوت بنت لهم *** مِظَلَّلتها يوم الندى لأكَنَّتِ ومن استعمالها مؤنَّثة قول الفرزدق يهجو جريرًا: ضربت عليك العنكبوت بنسجها *** وقضى عليك به الكتاب المُنزَل أراد: أن بيت جرير في العرب مثل بيت العنكبوت في الوهن.
    و أراد بقوله: وقضى عليك به الكتاب المنزل: قول الله تبارك وتعالى:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾. وقال أبو البركات الأنباري في كتابه( البلغة في الفرق بين المؤنث والمذكر ):”العنكبوت مؤنثة. وقد يجوز فيها التذكير“. لاحظ قوله:”وقد يجوز فيها التذكير“، ثم قول الفرَّاء من قبله:”وقد يذكرها بعض العرب“، وقول ابن منظور:”وربما ذكِّرت في الشعر“. كل ذلك يدل على أن الغالب في استعمال العنكبوت في لغة العرب التأنيث، وأن تذكيرها قليل، وأنه مختص بالشعر. وإذا كان كذلك، فإنه من النادر الذي لا يقاس عليه. ومما يدل- أيضًا- على كون لفظ ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ مؤنث قول العوام: عنكبوتة؛ كقولهم: نملة، ونحلة. قال صلاح الدين الصفدي في كتابه(تصحيح التصحيف وتحرير التحريف ):”يقولون: عنكبوتة. والصواب: عنكبوت “.
    واستشهد على ذلك بالآية السابقة. فثبت بذلك أن لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾ مؤنث، وليس فيما ذكرناه من أقوال ما يشير إلى أن المراد به التذكير. ومن الغريب أن بعضهم اعترض على كون المراد به الأنثى بقوله:”ولعله قد غاب عنهم بأن( العنكبوت ) مؤنث مجازي، وحيث أن الفعل قد تأخر عنه، وأصبح الفاعل ضميرًا مستترًا، وجب تأنيث الفعل في اللغة العربية، سواء كان المراد بالعنكبوت: الأنثى، أم الذكر“.
    وهذا قول باطل؛ إذ كيف يكون لفظ العنكبوت مؤنثًا مجازيًّا، ثم يراد به الذكر؟ ثم لو كان المراد به الذكر، لوجب أن يقال:{ كمثل العنكبوت اتخذ بيتًا }، بتذكير الفعل؛ كما قال تعالى:﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ﴾(البقرة:249). فجاء بفعل﴿ قَالَ ﴾ مذكَّرًا؛ لأن فاعله يعود على﴿ طَالُوتُ﴾. والظاهر من قوله تعالى:﴿اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾أن المراد بالعنكبوت: النوع، الذي ينسج بيته في الهواء، ويصيد به الحشرات. والجملة صفة للعنكبوت، وهذا أحسن من قول من جعلها حالية؛ لأن جعلها حالية لا يتأتى إلا على تقدير( قد ) قبلها. أي: كمثل العنكبوت قد اتخذت بيتًا. وفيه مخالفة لنظم القرآن.
    وقال تعالى:﴿ اتَّخَذتَ بَيْتاً ﴾، ولم يقل:{ بنت بيتًا. أو نسجت بيتًا }- كما يقتضيه ظاهر اللفظ- وذلك لأن﴿ اتَّخَذَ﴾لا يقال إلا في الشيء المصطفى المحبوب. قال تعالى:﴿وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾(النساء:125). وقال سبحانه:﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾(الفرقان:27). فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء، وهو افتعال من الأخذ. فإذا قلت: اتخذت كذا، فمعناه: اصطفيته لنفسي، واخترته لها. وأصل﴿ اتَّخَذَ ﴾:{ تخِذ }، وتاؤه أصلية، وليست مبدلة من شيء. وعليه قول تعالى:﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾(الكهف:77).
    وهو من الاتِّخاذ؛ كـالاتِّباع مصدر{ اتَّبَعَ } من{ تبِعَ }. وقول الجوهري وغيره: إنه{ افتعل } من{ الأخذ } وَهْمٌ، لا دليل عليه. ويبيِّن لك ذلك أن بين الاتخاذ، والأخذ فرق في المعنى والاستعمال؛ وهو: أن الأخذ حَوْزُ الشيء وتحصيله، ويكون ذلك بالتناول تارة، ويكون بالقهر تارة أخرى. ومثالهما قوله تعالى:﴿ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ﴾(يوسف:79). وقوله تعالى:﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة:255).
    وجاء الأخذ بمعنى العقاب والعذاب، في نحو قوله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾(هود:10). وأصله في العربية: الجمع. أما الاتِّخاذ فهو أخذ الشئ لأمر يستمر فيه؛ مثل الدار يتَّخذها صاحبها مسكنًا، والدابة يتَّخذها مركبًا؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68). ويكون الاتِّخاذ بمعنى: التسمية والحكم؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ﴾(مريم:81). أي: سموهم بذلك، وحكموا لهم به؛ ليكونوا لهم شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا. ويجري﴿ اتَّخَذَ ﴾ مجرى الجعل، فيتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما الأول في المعنى؛ كقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾(المائدة:51).
    وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ﴾(الكهف:21).
    واستعمل البيت- هنا- فيما تنسجه العنكبوت؛ لتلتقي فيه مع الذكر وقت السفاد؛ ولتصطاد بخيوطه الحشرات، التي تتغذى بها، تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان، لما فيه من حسن الصنعة، ودقة النسج. ويقال له: العُكْدُبَة. وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغةالندرة﴿ بَيْتاً ﴾؛ لأنهثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة. ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب. وقد يصل عددها إلى مائة ألف نوع، تتفاوت في أحجامها وأشكالها، ونمط معيشتها. وتعيش في أي مكان يتوافر به غذاؤها. وهناك نوع من العناكب، يمضي معظم حياته تحت الماء، ويعيش نوع آخر منها بالقرب من قمة جبل إيفرست، أعلى جبل في العالم، ويعيش بعضها الآخر داخل المنازل، ومخازن الحبوب، ومختلف المباني.كما تعيش أنواع أخرى على الجدران خارج المباني، وعلى واجهات وأطراف الأبواب والنوافذ.ومنها ما يعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية؛ كالعنكبوت الصيادة البنيَّة، وتصيد الحشرات بنفسها.
    ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضًا، ولا يوجد منها إلا أنواع قليلة جدٌّا تعيش في جماعات. وذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت،التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن. وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد‏,‏ أو الترميم‏,‏ أو التوسعة‏,‏ فإن العملية تبقى عملية أنثوية محضة.‏ وهذه الحقيقة، التي أنكرها أعداء الإعجاز العلمي من المسلمين ومن غير المسلمين،وهاجموا القائلين بها، قد ذكرها بعض علماء المسلمين قديمًا، وقرَّروها في كتبهم. فهذا ابن عبد ربه يقول في كتابه( العقد الفريد ):”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى، وهي الخدرنق، وولد العنكب ينسج ساعة يولد “. وهذا الجاحظ يقول في كتابه(الحيوان ):”ولد العنكبوت يقوى على النسج ساعة يولد، وذلك من غير تلقين، ولا تعليم. وأول ما يولد دودًا صغارًا، ثم يتغير ويصير عنكبوتًا، وهو يطاول في السِّفاد. ومنه ما هو كبير، ونسجه رديء.
    ومنه ما هو دقيق، وهو يمدُّ السُّدى، ثم يعمل اللحمة، ويبتدىء من الوسط، ويهيِّىء موضعًا لما يصيده، يكون له كالخزانة. والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“. لاحظ قوله:”والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“، وقول ابن عبد ربه:”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى“.
    وإن كانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن ذكور العنكبوت تغزل الخيوط، فإنها لم تغزلها؛ لتبني بها بيتًا، وإنما تغزلها لأغراض أخرى. جاء في الموسوعة العربية العالمية:”تغزل جميع العناكب الخيوط؛ لكن بعض أنواعها لا تبني شراكًا. فعلى سبيل المثال يغزل العنكبوت المسلح خيطًا واحدًا في نهايته قطرة لزجة من الحرير، فعندما تطير حشرة بالقرب منه، يقذف العنكبوت هذا الخيط تجاهها؛ لتلتصق الحشرة بطرفه اللزج. ويصنف العلماءُ العناكب إلى عناكب حقيقية، وعناكب الرتيلا، بناءً على فروق معينة بأجسامها، مثل طريقة توجيه الأنياب وحركتها. ويمكن وضع العناكب كذلك في مجموعات تبعًا لطريقة حياتها. فهناك عناكب غازلة للنسيج.
    Genius
    Genius


    عدد المساهمات : 15
    تاريخ التسجيل : 13/05/2009
    العمر : 36

    مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ  Empty رد: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ

    مُساهمة  Genius الأربعاء 19 يناير 2011 - 21:09

    العبرة والعظة والإعجاز في هذا التشبيه القرآني نتلمسه في ضوء ما توصل إليه العلماء‏,‏ فبيت العنكبوت بخيوطه القوية‏,‏ يسهل إطاحته‏؛ ولكن إذا استعملت تلك الخيوط العنكبوتية في ظروف أخرى,‏ وبمنهج آخر‏,‏ فإنها تكون نسيجًا قويًّا جدًّا‏,‏ وشديدًا في متانته، ويصلح لصد الرصاص‏. وللتوضيح‏,‏ فالجرافيت والألماس‏,‏ كلاهما من الكربون‏,‏ وعلى الرغم من ذلك فلهما خواص فيزيائية وشكلية متضادة تمامًا‏.
    أي: التي تغزل أنسجة لاصطياد الحشرات. وعناكب صيادة. أي: التي تجري خلف الحشرات، أو تختبىء مترصدة لها. ويقوم ذكر العنكبوت قبل التزاوج بغزل منصة من
    خيوط الحرير تسمَّى: النسيج النطفي؛ حيث يصب عليها قطرةً من النطاف(الحيوانات المنوية)، يخرجها من منطقته البطنية، ثم يقوم بملء طرفي الرجلين الملمسيَّتيْن بسائله المنوي؛ ليستعملهما في نقل حييناته المنوية إلى جسم الأنثى أثناء التزاوج. بعد ذلك تختزن الأنثى الحيينات المنوية في جسمها، وعندما تضع بيضها بعد عدة أسابيع أو أشهر، يخصب ذلك البيض بتلك الحيوانات المنوية، التي خزنتها في جسمها بعد التزاوج “.(1)
    والذكر البالغ في عناكب( الأرملة السوداء ) بعد أن يبنى خيوطًا حريرية، يخرج من جسمه مادة التزاوج، ويلصقها على هذا النسيج، وعندما يرى الأنثى، يبدأ بتحريك يديه، وتبادله الأنثى الحركات نفسها، ثم يلتقط بيديه مادة التزاوج؛ ليضعها تحت جانبها، ثم يتجه للجانب الآخر؛ ليعمل نفس الشيء، الذي يكرره عدة مرات. وليس في ذلك كله ما يدل على أن ذكر العنكبوت يبني البيت كالأنثى؛ كما ادَّعى ذلك بعض الحاقدين على الإسلام، متَّخذًا من بعض الأقوال السابقة دليلاً؛ ليؤيِّد به ادعاءه، وليثبت بذلك- كما قال- خطأ القرآن وقائله.. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. ومما تجدر الإشارة إليه أن الإعجاز في هذه العبارة، لم يكن في استعمال القرآن للفظ العنكبوت كمفرد يدل على الأنثى؛ لأن القرآن الكريم في هذه الآية- كما قالت الدكتورة بنت الشاطىء- يجرى على لغة العرب، الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية؛ كما أنثوا مفرد النمل، والنحل، والدود، فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة، ونحلة، ودودة، وهو تأنيث لغوى، لا علاقة له بالتأنيث البيولوجي؛ وإنما الإعجاز في الآية الكريمة هو في إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾. وهذا ما أغفلته الدكتورة بنت الشاطىء، وتجاهله غيرها من منكري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ وذلك في ردهم على القائلين بوجود الإعجاز في هذه العبارة من الآية الكريمة.
    ومثل إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر إسناد اتِّخاذ بيت النحل إلى الأنثى؛ كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68). فالخطاب في هذه الآية الكريمة موجه للأنثى دون الذكر، وهي النحلة الشغالة، التي تجمع الرحيق، وتصنعه عسلاً، بدليل قوله تعالى عقب ذلك:﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ﴾(النحل:69).
    أما ذكور النحل فيوجد منهاعدد قليل، يلقح أحدها الملكة قبل أن تضع البيض، ثم يموت. ثم قال تعالى:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾فأخبر أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق. وهو جملة استئنافية خبرية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه. ثم قيد الجملة بالعبارة الشرطية﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. وأيُّ معنًى- كما قيل- أبلغ من هذا المعنى، الذي أكَّده الله تعالى من ستة أوجه؟ فأدخل﴿ إِنَّ ﴾، التي تفيد معنى التأكيد، وأتى بـ{ أفعل } التفضيل﴿ أَوْهَنَ﴾، وبناه من{ الوهن }، وأضافه إلى الجمع﴿ الْبُيُوتِ ﴾، وعرف الجمع باللام، التي تفيد معنى الاستغراق، وأتى في خبر﴿ وَإِنَّ ﴾ باللام﴿لَبَيْتُ ﴾، فأفاد بذلك أن أوهن البيوت، إذا استقريتها بيتًا بيتًا هو بيت العنكبوت.
    أي: لا بيت أوهن منه. ولم تزل هذه الآية محيِّرة للعلماء والباحثين, قديمًا وحديثًا، فالقرآن الكريم قد أخبر أن أوهن البيوت على الإطلاق هو بيت العنكبوت، ثم قيَّد هذا الخبر بقوله تعالى:﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. والعلم الحديث قد أثبت أن بيت العنكبوت منسوج من أقوى الخيوط، التي تستطيع مقاومة الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت، من الحشرات، التي هي أكبر من العنكبوت دون أن يتخرَّق. وخيوطه دقيقة جدًا،‏ يبلغ سمك الخيط الواحد منها في المتوسط واحدًا من المليون من البوصة المربعة‏,‏ أو جزءًا من أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان،‏ ويتمدد إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع.
    وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، ومن الألمنيوم بتسع وعشرين مرة،ولا يفوقه قوة سوى الكوارتز المصهور، وتبلغ قوة احتماله ثلاثمائة ألف رطل للبوصة المربعة. فإذا قُدِّر وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت، فيُمْكِنه حَمل طائرة ركاب كبيرة بكل سهولة.
    ولذلك أطلق عليه العلماء اسم الفولاذ الحيوي )، أو( الفولاذ البيولوجي )، أو( البيوصلب ). وهذه ‏الحقيقة يستطيع الإنسان أن يكتشفها بنفسه؛ حيث يمكنه بسهولة إزاحة بيت العنكبوت بسبب وزنه ‏الخفيف، ولكن يصعب عليه قطعه، أو تغيير شكله الهندسي الدقيق! قال الدكتور محمد الفار أستاذ ورئيس شعبة الكيمياء الحيوية بعلوم المنصورة في مقال له نشر في جريدة الأهرام:” نجح العلماء أخيرًا في استخدام طرق الهندسة الوراثية لإنتاج خيوط العنكبوت عن طريق جينات مستخرجة من العنكبوت نفسه، وهي أقوى من خيوط الحرير‏.‏ ولذلك فإن هذه الطريقة ستتيح لهم التوسع في استخدام تلك الخيوط العنكبوتية لصناعة سترات واقية من الرصاص من نسيجه‏,‏ وخيوط جراحية بمواصفات جيدة‏ “.
    ‏فهل كان القرآن الكريم حين أخبر أن بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق- يجهل هذه الحقائق، التي كشف عنها العلم مؤخرًا عن طبيعة هذا الخيط، الذي نسج منه بيت العنكبوت؛ كما يدعي أعداء القرآن؟ وهل كان الكفار والمشركون يجهلون أيام نزول القرآن الكريم أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، أم كانوا يعلمون ذلك؟ وإذا كانوا يعلمون، فلم نفى الله سبحانه وتعالى عنهم علم ذلك؟ أما السؤال الأول فلا نجد في كتب التفسير له جوابًا. وأما السؤال الثاني فأجابوا عنه بأنهم كانوا يعلمون أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، وأنه سبحانه لم ينف عنهم علمهم بوهن بيت العنكبوت؛ وإنما نفى علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كالعنكبوت اتخذت بيتًا، فلو علموا ذلك، لما فعلوه؛ ولكن ظنوا أن اتخاذهم الأولياء من دونه يفيدهم عزًّا وقوة، فكان الأمر بخلاف ما ظنوا. ولهذا نجد علماء التفسير يذهبون إلى أن قوله تعالى:﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ جملة حالية؛ لأنه من تتمة التشبيه. أو جملة اعتراضية بين قوله:﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وقوله:﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. وإلى كونه جملة اعتراضية ذهب الزمخشري.
    وإلى كونه جملة حالية ذهب الطيبي. وقال صاحب الكَشْف: كلام الزمخشري إلى كونه اعتراضية أقرب. وعلى القول بأنه جملة اعتراضية يكون التقدير هكذا: كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا- لو كانوا يعلمون- وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت. وعليه فإن﴿ لَوْ ﴾- كما قالوا- شرطية متعلقة بقوله تعالى:﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَكَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وجوابها محذوف، تقديره: لو كانوا يعلمون شيئًا من الأشياء، لعلموا أن هذا مثلهم. أو: لو كانوا يعلمون أن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن، لما اتخذوه دينًا. أو: لو كانوا يعلمون وهن الأوثان، لما اتخذوها أولياء من دون الله تعالى. وقد ذكرنا من قبل أن هذه الجملة استئنافية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه، وهي جملة خبرية مقيَّدة بالعبارة الشرطية:﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. وهذه العبارة الشرطية تنفي صراحة علمهم بأن أوهن بيت على الإطلاق هو بيت العنكبوت. أما نفي علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا فهو مبنيٌّ على نفي علمهم بأن أوهن البيوت لبيت العنكبوت. ويدل عليه تشبيه الأول بالثاني.
    ويدل عليه أيضًا أن الله تعالى قال:﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾، فأتى بأداة الشرط:﴿ لَوْ ﴾المتضمنة معنى التمني؛ لينفي بذلك علمهم مع تمني حصول ذلك العلم منهم. ونحو ذلك قوله تعالى:﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾(العنكبوت:64). لاحظ كيف جاء قوله تعالى:﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ﴾مؤكَّدًا بـ﴿ إِنَّ ﴾، وباللام في خبرها﴿ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ﴾، ثم قيِّد بالعبارة الشرطية، التي تنفي علمهم بذلك، مع تمني حصول ذلك العلم منهم؛ وهي قوله تعالى:﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. ولكن هيهات، هيهات أن يعلموا ذلك. ولو جاء من يعلمهم به، لظلوا في ظلمات جهلهم غارقين.. ومثل هذا الأسلوب في القرآن كثير لمن أراد التأمل والتدبر. ويبيِّن ذلك أن الأصل في﴿ لَوْ ﴾أنها أداة تمن، ثم نقلت إلى الشرط؛ وذلك من باب تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد؛ ومن خواصِّها فرض ما ليس بواقع واقعًا، وتستعمل فيما لا يُتَوقَّع حدوثُه، وفيما يمتنع حدوثه، أو فيما هو محال، أو من قبيل المحال، سواء كانت في عبارة شرطية؛ كقوله تعالى:﴿ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾(التوبة:81).
    أو كانت في جملة شرطية تامة؛ كقوله تعالى:﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾(الأنفال:63). وإذ ثبت بما تقدم أنهم كانوا لا يعلمون أن بيت العنكبوت أوهن البيوت؛ كما أخبر الله تعالى عنهم، فهل كانوا يجهلون طبيعة هذا البيت، من حيث قوة نسجه؟ وهل كان القرآن الكريم يجهل ذلك أيضًا؛ كما يدعي أعداء الإسلام؟ أما الجواب عن السؤال الأول فقد روي عن سكان جزر السلَمون أنهم كانوا يقومون قديمًا بصنع شباك صيد الأسماك من خيوط العنكبوت..فإذا ثبت ذلك عنهم، فمن أين أتاهم علم ذلك، وكيف علموا به؟! وأما الجواب عن السؤال الثاني فنقول: لو كان القرآن الكريم يجهل طبيعة بيت العنكبوت، لما أخبر عنه على سبيل التأكيد بأنه أوهن بيت على الإطلاق، ثم قيَّده بنفي علمهم بذلك.
    ويدل على ذلك أن قوله تعالى:﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾ لا يكون إلا جوابًا عن جحود جاحد. فهو جواب من قال: ما بيت العنكبوت بأوهن البيوت. ألا ترى أن قولك: إن زيدًا لعالم، جواب من قال: ما زيد بعالم. وإن محمدًا لرسول الله، جواب من قال: ما محمد برسول الله. وعلى هذا جاء قوله تعالى:﴿ إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾(المنافقون:1).
    ومما تجدر الإشارة إليه أن القرآن الكريم ليس هو كتاب علم، حتى يفصل القول في شرح هذه الحقائق؛ كما فصل العلم القول فيها؛ وإنما هو كتاب هداية قبل كل شيء. ولهذا يكتفي بالإشارة إليها إشارات فيها العبرة لمن أراد أن يعتبر، ولا يخفى ذلك إلا على من طمس الله على بصره، وأعمى بصيرته﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾(الحج:46). فأنى لأولئك الصم البكم العمي أن يفهموا كلام الله جل وعلا؟!
    والسؤال الذي ينبغي أن يسأل هنا هو: كيف يكون بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق، وهو منسوج من أقوى الخيوط على الإطلاق، وأكثرها مرونة؟ وكيف يجتمع في منشأة واحدة الحد الأدنى ‏من الوهن، والحد الأقصى من القوة والمرونة!؟ وأول ما ينبغي الإشارة إليه قبل الإجابة عن ذلك هو أن الآية الكريمة نصَّت على وهن بيت العنكبوت، لا على وهن الخيط، الذي نسج منه. فلم يقل سبحانه وتعالى:{ إن أوهن الخيوط لخيط العنكبوت }؛ وإنما قال:﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾، وهي إشارة دقيقة، لا تخفى إلا على الجاهلين من أولئك الحاقدين، الذين اتهموا القرآن الكريم بالخطأ، وطعنوا في إعجازه، حين زعموا زورًا وبهتانًا أن” العلم يقول عن خيوط العنكبوت: إنها قوية، والقرآن يقول: إنها ضعيفة؛ لأن القرآن، وكاتب القرآن لا يعرف الفولاذ، ولا يدرك طبيعة خيط العنكبوت “.﴿ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾(التوبة:30).

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 19:53