منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم

منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منية جناج - دسوق - كفرالشيخ

أخبار جديدة ومستمرة (أحمد عصام عنان)

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» تجربتي مع مواقع الشراء
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالثلاثاء 4 أكتوبر 2016 - 17:46 من طرف مصطفى مرسى

» منهجية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ظل المعيار الجديد
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:58 من طرف دينا بسيوني

» النظام الالكترونى للمراقبة والتحكم والسيطرة بالكاميرات
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:57 من طرف دينا بسيوني

» تأمين الاحتفالات والمؤتمرات والإجتماعات
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:56 من طرف دينا بسيوني

» توقيع وتحديد المشاريع الهندسية بأستخدام المساحة
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 5 مارس 2015 - 2:56 من طرف دينا بسيوني

» الابتكار والإبداع في إدارة المخازن ، المواد و المخزون الراكد
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:55 من طرف دينا بسيوني

» الأمن الصناعي (مهارات السلامة في مواقع العمل)
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:55 من طرف دينا بسيوني

» تخطيط عمليات التخزين والرقابة على المخزون
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 1:54 من طرف دينا بسيوني

» فرصة متميزة لإنشاء مكاتب المقاولات والتشطيبات والمكاتب العقارية
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 19 سبتمبر 2013 - 10:27 من طرف Hussein Juma

» دورة التقييم العقاري(المستوى الاول)
تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Icon_minitimeالخميس 19 سبتمبر 2013 - 10:26 من طرف Hussein Juma


    تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 453
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009
    العمر : 40
    الموقع : http://www.wtswebservice.com

    تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Empty تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه

    مُساهمة  Admin الأربعاء 27 أبريل 2011 - 11:09

    تعريف الإجماع وتحليله
    تعريفــــه:
    الإجماع في اللغة الاتفاق، يقال: أجمعوا على الأمر اتفقوا عليه (المصباح المنير مادة جمع، والتلويح على التوضيح 2/41.)
    وهو في اصطلاح الأصوليين: (اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على حكم شرعي).

    تحليل التعريــف:
    اتفـاق: معناه الاشتراك في الاعتقاد أو القول أو الفعل، لأن ذلك كله من الإجماع، فلا يكون الإجماع خاصا بالقول فقط.

    المجتهديـن: فيه إخراج من لم يبلغ درجة الاجتهاد من العلماء، أو عوام الناس، فإنه لا عبرة بإجماعهم، وقد عرف باللام وهي للاستغراق هنا احترازا عن اتفاق بعض مجتهدي عصر من العصور، فإنه ليس إجماعا عند الجمهور كما سيأتي، خلافا لبعض العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيه احتراز عن اتفاق مجتهدي الشرائع الأخرى السابقة. فإنه ليس إجماعا عندنا (أن الإجماع من خواص هذه الأمة كما سيأتي تكريما لها ورفعا لشأنها.

    في عصــر: معناه في زمان ما، قل العدد أو كثر، تنكيره احترازا عن سبق الذهن إلى أن الإجماع هو إجماع كل المجتهدين في كل العصور إلى آخر الزمان، لأن الإجماع يجب فيه ذلك، بل إجماع المجتهدين في عصر واحد يكفي.

    على حكم شرعي: هذا قيد يخرج به ما ليس حكما، وما كان حكما غير شرعي، فإن الإجماع في ذلك ليس حجة عند الجمهور، وقد أطلق بعض العلماء التعريف ولم يذكر هذا القيد ومنهم ابن الحاجب حيث قال: (على أمر) ليشمل الشرعي وغيره، فيدخل في ذلك وجوب اتباع آراء المجتهدين في أمر الحروب ونحوها مما لا يدخل في نطاق الحكم الشرعي، ولكن يجاب عن هذا الإطلاق بأن من ترك اتباع هذا الإجماع الأخير إن كان يأثم في تركه، فهو إجماع على حكم شرعي يدخل في نطاق الإجماع بهذا القيد، وإن كان لا يأثم في ترك هذا الإجماع فهذا معناه أن ذلك ليس من الإجماع الملزم، فلا مانع أن يكون من الواجب إخراجه من التعريف.
    __________________
    تعريف الإجماع
    الكاتب: أ . / أيمن بدوي السكندري
    الإجماع نوع من أنواع الاجتهاد لأن الاجتهاد׃ ¬إما فردى وهو القياس أو جماعي وهو الإجماع ــ فالاجتهاد الفردي ׃ كل اجتهاد لم يحصل اتفاق المجتهدين في على رأى المسالة ــ والاجتهاد الجماعي ׃ كل اجتهاد اتفق المجتهدون على رأى في المسالة

    تعريف الإجماع ׃

    هو في ا للغة يطلق علي معنيين:
    أحدهما: العزم والتصميم على الأمر,يقال : أجمع فلان علي الأمر، أي عزم عليه . ومنه قوله تعالي (فاجمعوا أمركم وشركائكم ) .
    وقوله- صلى الله عليه وسلم ـ " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " . "
    و الثاني : الاتفاق . و قولهم :اجمع القوم على كذا :إذا اتفقوا عليه.
    والفرق بين المعنيين أن الإجماع بالمعنى الأول يتصور من واحد وتعدد وبالمعنى الثاني لا يتصور من الواحد بمفرده .
    تعريف الإجماع عند الأصوليين :
    اتفاق جميع المجتهدين من امة محمد _ صلى الله عليه وسلم – في عصر من العصور ,على حكم شرعي اجتهادي بعد وفاة الرسول _صلى الله عليه وسلم _
    شرح التعريف :
    المراد بالتعريف: الاشتراك في الاعتقاد أو القول أو الفعل .

    والمقصود بالمجتهدين : من بلغوا درجة الاجتهاد فلا عبرة بموافقة غير المجتهدين أو مخالفته ,وذلك لعجزهم عن الاستدلال والنظر وعلى هذا إذا خلا العصر عن المجتهدين لم يتحقق أجماع شرعي إما إذا وجد عدد منهم في إي عصر فالإجماع ينعقد عند الجمهور مهما كان عددهم

    والشرط في الإجماع عند أكثر العلماء اتفاق جميع المجتهدين فلو خالف واحد منهم لن ينعقد الإجماع ــ لان الحق يحتمل أن يكون في جانب المخالف فلا يكون الاتفاق من أكثر حجة مع هذا الاحتمال ،وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه عدد المخالفين حد التواتر .
    يطلق الحنفية الإجماع السكوتى على اتفاق فريق من المجتهدين على حكم شرعي مع سقوط الباقين مدة التأمل من غير عذر .

    وتقييد الإجماع بصدوره من مجتهدى أمة محمد _ صلى الله عليه وسلم _ يفيد أن إجماع أهل الأديان الأخرى ليس حجة شرعية , وأنه لا يعتد بقبول المبتدع بما يفكر , لأنه غير مندرج في الأمة المحمدية , وغير مؤتمن على شئونها .

    وكذلك تقييد الاتفاق من المذكورين لكونه في عصر من العصور , لإفادة انه لا يشترط اتفاقهم في جميع العصور , وإلا لم يتحقق إجماع أصلا , كما انه يفيد أن الإجماع لا يتقيد لكونه إجماع الصحابة , كما قال بذلك الظاهرية واحمد في إحدى الروايتين لتعذر وقوعه بعد عصرهم.

    وإنما كان اتفاق المجتهدين بعد وفاة الرسول لأنه لا وجود للإجماع في حياة الرسول ,لان الرسول إما أن يوافق المجمعين أو يخالفهم , فان وافقهم على الحكم الذي اجمع عليه الصحابة ثبت الحكم بالسنة لا الإجماع , وان خالفهم لا عبرة باتفاقهم ولا يكون إجماعا فلا يثبت به حكم , فلا تحقق الإجماع في عصر الرسول للاستغناء عنه بالوحي في زمن النبوة .

    والتقييد بكون الإجماع محله الحكم الشرعي دون الحكم العقلي , والعادي أو اللغوي , لان الاتفاق على ذلك لا يعد إجماعا شرعيا .

    واشترط في الإجماع أن يكون الحكم حكم شرعيا اجتهاديا , لأنه لا يعد إجماعا اتفاقهم على الحكم الذي لا محالة للاجتهاد في , والذي لا يدرك بالعقل والرأي , كالمقدرات الشرعية ,لأن سنده هو الدليل السمعي ــــ وكذلك كل حكم شرعي ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة لا يكون محل للإجماع .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    اجماع العلماء الفقهاء

    ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية، وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا تجتمع أمتي على ضلالة والشرع ورد بعصمة هذه الأمة، والإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، ولا يشترط انقراض العصر على الصحيح، فإذا قلنا: انقراض العصر شرط؛ فيعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد، ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم وبقول البعض وبفعل البعض وانتشار ذلك وسكوت الباقين عنه.
    قول الصحابي.
    وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد.
    الأخبار: وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، والخبر ينقسم إلى قسمين: آحاد ومتواتر.
    فالمتواتر: ما يوجب العلم وهو أن يروي جماعة لا يقع التواطؤعلى الكذب من مثلهم إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه ويكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد.
    والآحاد هو: الذي يوجب العمل، ولا يوجب العلم. وينقسم إلى: مرسل ومسند:
    فالمسند: ما اتصل إسناده.
    والمرسل: ما لم يتصل إسناده.
    فإن كان من مراسيل غير الصحابة فليس بحجة إلا مراسيل سعيد بن المسيب فإنها فتشت ووجدت كما هي.
    والعنعنة تدخل على الإسناد، وإذا قرأ الشيخ .. أن يقول حدثني وأخبرني، وإن قرأ هو عن الشيخ يقول: أخبرني. ولا يقول: حدثني. وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول: أجازني، أو أخبرني إجازة.
    القياس.
    وأما القياس فهو: رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم. وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إلى قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه.
    فقياس العلة: ما كانت العلة فيه موجبة للحكم.
    وقياس الدلالة هو: الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم.
    وقياس الشبه هو: الفرع المتردد بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبها.
    ومن شرط الفرع أن يكون مناسباً للأصل.
    ومن شرط الأصل أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين.
    ومن شرط العلة أن تطرد في معلولاتها، فلا تنتقض لفظاً ولا معنى.
    ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات. والعلة هي الجالبة للحكم والحكم هو المجلوب للعلة.

    --------------------------------------------------------------------------------
    ذكر العلماء أن الأدلة في الأصل الكتاب والسنة، متفق على أنهما دليلان وقد ورد حديث عن معاذ لما أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كيف تقضي؟ قال: بكتاب الله. فقال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي. فقال: الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يرضي رسول الله فبدأ بالقرآن ثم بالسنة ثم الاجتهاد وذلك هو القياس.
    اتفقوا على أن الإجماع حجة، الإجماع هو: إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على حكم من الأحكام، ولا يكون فيهم مخالف. أو إجماع التابعين كلهم واتفاقهم ولا يوجد بينهم خلاف، أو إجماع تابعي التابعين يعني: أهل القرن الثالث ولا يوجد من يخالف فيهم.
    فاتفاق الأمة واجتماعها على حكم من الأحكام يسمى إجماعا؛ لاجتماع الأمة عليه، فيعرف بأنه اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة، ولا يعتبر خلاف العامة لأن العبرة إنما هو بالعلماء الذين عندهم معرفة، فأما العوام إذا خالفوا أو أنكروا فلا يلتفت إلى إنكارهم؛ بل الأصل أن القول إنما هو قول العلماء، وكذلك أيضا قد لا يلتفت إلى خلاف شاذ كانفراد واحد بالخلاف، في إنكار أمر من الأمور المشروعة أو الجائزة، أو المعمول بها فالخلاف الشاذ لا يلتفت إليه؛ ولأجل ذلك لم يلتفت العلماء إلى خلافات الظاهرية كابن حزم فإنها متكلفة، ولو كان عنده اطلاع على الأدلة، عنده قدرة على الاحتجاج؛ ولكن له أقوال خالف فيها أقوال جماهير الأمة، كذلك يوجد بعض الخلاف من بعض الشذاذ لم يلتفتوا إليه، خالف بعض العلماء –مثلا- واحد ذكروا عنه أنه لم يبح بيع السلم، وعلل بأنه بيع لشيء مجهول، ولم يبح ..، وبيعه لأنه مال للغير، ولم يبح القرض لأنه تملك لمال الغير، ولم يبح الحوالة؛ لأنها تغرير لإرسال المال مع غير موثوق أو نحو ذلك، لم يلتفت العلماء على خلاف مثل هذا؛ بل جعلوا إجماع واتفاق أهل العصر خاصهم وعامهم –جعلوه- حجة.
    يقول: من المراد بالعلماء؟ هم الفقهاء. يعني: الذين عندهم فقه، قد تقدم أن الفقه: معرفة الأحكام التي طريقها الاجتهاد.
    ما المراد بالحادثة؟ أي: أمر يحتاج إلى الفتوى فيه -فتوى شرعية- حادثة تحتاج إلى فتوى كصفة طلاق –مثلا- أو صفة نكاح أو صفة نفقة يعني: كيف يكون فيها أو شرط من الشروط في البيع، أو من الشروط في النكاح أو ما أشبه ذلك.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الإجماع في الفقه

    الفتوى
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
    فالإجماع عرفه العلماء بعدة تعاريف وفيها اختلاف يسير ولعل من أخصرها وأشملها أنه: اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أي عصر من العصور على أمر ديني.
    فخرج بإضافة الاتفاق إلى جميع العلماء المجتهدين المتعلم الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد فضلا عن العامي ومن في حكمه، فلا عبرة بخلافهم ولا بوفاقهم، كما خرج أيضاً الاتفاق الحاصل من بعض المجتهدين دون بعض. والمراد بالتقييد بما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بيان بدء الوقت الذي يوجد فيه الإجماع،

    أما زمن حياته فلا يعتد فيه بالإجماع لأنه زمن نزول الوحي، فالمرد في الإحكام فيه إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد بقول المعرف: في أي عصر من العصور التنبيه إلى اعتبار الإجماع في أي عصر وجد بعد زمن النبوة سواء في ذلك عصر الصحابة وغيرهم خلافاً لمن خصه بعصر الصحابة كداود الظاهري ومن وافقه.
    وهو حجة عند الجمهور، وخالف في ذلك الشيعة والخوارج والنظام.

    وينقسم إلى قسمين:
    1/ إجماع قولي فعلي.
    2/ إجماع سكوتي.

    فالأول: أن يصرح كل فرد بقوله في الحكم المجمع عليه، أو يفعله فيدل فعله إياه على جوازه عنده، وهذا النوع من الإجماع لا خلاف في حجيته عند القائلين بثبوت الإجماع.

    الثاني من قسمي الإجماع: أن يحصل القول والفعل من البعض وينتشر ذلك عنهم، ويسكت الباقون عن القول به ولا ينكروا على من حصل منه، ومن أمثلته العول فقد حكم به عمر رضي الله عنه بمشورة بعض الصحابة وسكت باقيهم.

    وهذا القسم مختلف فيه، فقال قوم: إنه إجماع لا يسوغ العدول عنه، وقال قوم: إنه ليس بإجماع ولا حجة، وقال آخرون: إنه حجة وليس بإجماع. ولكل منهم دليل على ما قال. ثم إن الجمهور من العلماء قالوا بانعقاد الإجماع من وقت حصوله، ولا يشترط عندهم انقراض عصر المجمعين، فلا يسوغ لأحد الرجوع عن رأيه الموافق للإجماع، على قول الجمهور.
    والله أعلم.
    الإجماع في الفقه
    الفتوى

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

    فالإجماع عرفه العلماء بعدة تعاريف وفيها اختلاف يسير ولعل من أخصرها وأشملها أنه:

    اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أي عصر من العصور على أمر ديني.
    فخرج بإضافة الاتفاق إلى جميع العلماء المجتهدين المتعلم الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد فضلا عن العامي ومن في حكمه، فلا عبرة بخلافهم ولا بوفاقهم، كما خرج أيضاً الاتفاق الحاصل من بعض المجتهدين دون بعض. والمراد بالتقييد بما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بيان بدء الوقت الذي يوجد فيه الإجماع،
    أما زمن حياته فلا يعتد فيه بالإجماع لأنه زمن نزول الوحي، فالمرد في الإحكام فيه إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد بقول المعرف: في أي عصر من العصور التنبيه إلى اعتبار الإجماع في أي عصر وجد بعد زمن النبوة سواء في ذلك عصر الصحابة وغيرهم خلافاً لمن خصه بعصر الصحابة كداود الظاهري ومن وافقه.
    وهو حجة عند الجمهور، وخالف في ذلك الشيعة والخوارج والنظام.

    وينقسم إلى قسمين:
    1/ إجماع قولي فعلي.
    2/ إجماع سكوتي.

    فالأول: أن يصرح كل فرد بقوله في الحكم المجمع عليه، أو يفعله فيدل فعله إياه على جوازه عنده، وهذا النوع من الإجماع لا خلاف في حجيته عند القائلين بثبوت الإجماع.

    الثاني من قسمي الإجماع: أن يحصل القول والفعل من البعض وينتشر ذلك عنهم، ويسكت الباقون عن القول به ولا ينكروا على من حصل منه، ومن أمثلته العول فقد حكم به عمر رضي الله عنه بمشورة بعض الصحابة وسكت باقيهم.

    وهذا القسم مختلف فيه، فقال قوم: إنه إجماع لا يسوغ العدول عنه، وقال قوم: إنه ليس بإجماع ولا حجة، وقال آخرون: إنه حجة وليس بإجماع. ولكل منهم دليل على ما قال. ثم إن الجمهور من العلماء قالوا بانعقاد الإجماع من وقت حصوله، ولا يشترط عندهم انقراض عصر المجمعين، فلا يسوغ لأحد الرجوع عن رأيه الموافق للإجماع، على قول الجمهور.
    والله أعلم.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مصطلح الإجماع

    إشكالية المفهوم بين المثالية و الواقعية
    عرض و تلخيص

    نشرت مجلة إسلامية المعرفة في العدد الحادي و العشرون مقالاً مـسهباً للدكتور قطب سانو تحت عنوان " في مصطلح الإجماع الأصولي " تعرض فيه لبيان مفهوم الإجماع و تاريخ نشأة و تطور هذا المفهوم .

    وقد وجدت أسرة " الرشاد " في هذا المقال محاولة أصيلة في تجديد و تفعيل هذا المفهوم و إعادته إلى دوره الذي كان يؤديه في عصر النبوة و عصر الخلفاء الراشديـن، فأحبت أن تشارك الأخوة القراء هذا الطرح المقاصدي المتميز .

    يعدُ الإجماع عند جمهور علماء المسلمين أحد مصادر التشريع و يلي السنة عندهم في الترتيب . فالمجتهد الباحث عن حكم الله في حادثة أو نازلة يرجع إلى القرآن و السنة فإن لم يعثر على حكم فيهما فإنه يلوذ بالإجماع للتعرف على حكم الله في تلك النازلة . و إنكار الإجماع بعد ثبوته يُخرج المنكِر من المـلة و هو عند أكثر الأصوليين حجة قطعية و ينسب إلى البدعة أو الضلال أو الكفر من خالفه أو أنكره .

    و نظراً لهذه المكانة العالية للفكرة الإجماعية في الفكر الأصولي فإن هناك حاجة ماسّة لتحقيق القول في مصطلح الإجماع و تحديد موقعه من ثنائية المثالية و الواقعية في الفكر الإسلامي . و هناك أيضاً أهمية علمية للقيام بمراجعة نقدية للمعاني التاريخية و الحمولات الفكرية التي حمـّل بها هذا المصطلح عبر تاريخ الفكر الأصولي . و تهدف هذه الدراسة إلى التوصل إلى ضبط علمي و منهجي محكم لمفهوم مصطلح الإجماع و مجالات توظيفه ليغدو بذلك مصطلحاً ذا معنى واقعي و مؤثر في توجيه حركة الحياة وفق المنهج المراد لله تعالى على مستوى الفرد و على مستوى الأمة .

    إن القناعة بأن نشأة مصطلح الإجماع يعود إلى العصر الراشدي على أقصى تقدير تحتاج إلى إعادة النظر إذ أنها تتضمن إسقاطاً تاريخياً لمضمون متأخر محدَث على مصطلح علمي قديم. فمفهوم الإجماع في عصر الرسالة يجب أن لا يتضمن المعاني التي أعطاها إياه العلماء في العصور اللاحقة ، كما أن مفهومه في عصر الخلفاء الراشدين يجب أن لا يكون تبعاً لما آل إليه الأمر في العصور اللاحقة بذلك العصر . و من ثمَّ فإن الإحتكام إلى المعاني الجديدة المستحدثة للمصطلح و اتخاذ تلك المعاني أساساً للحكم على مدى وجود المصطلح و عدمه لا يعدو أن يكون إسقاطاً لا يقبله البحث العلمي النـزيه .

    و إذا أردنا البحث عن تاريخ نشأة مصطلح الإجماع فتحسن البداية بمعرفة المعنى اللغوي لهذا المصطلح و هو الوصول إلى إتفاق ناتج عن تشاور أهل العلم و المعرفة و الدراية في قضية أو نازلة من النوازل . و انطلاقاً من هذا المعنى فيمكننا أن نقرر أن مصطلح الإجماع بهذا المعنى كان مستعملاً في عهد النبي الكريم صلى الله عليه و سلم .

    فنصوص القرآن و السنة تقرر بشكل جلي المنهج الجماعي الذي كان الرسول الكريم يتبعه في التعامل مع النوازل العامة . فإن من المتواتر عنه أنه كان يدعو – الصلاة جامعة – ليحاور الصحابة في النوازل و المستجدات التي كانت تداهم حياة الجماعة المسلمة في المدينة . فالفكرة الإجماعية كانت موجودة في عصر الرسالة و تتمثل في العلاقة بين الشورى و الإجماع . فالشورى هي مقدمة ضرورية للإجماع حيث لا إجماع بلا شورى و الإجماع في الوقت نفسه هو إحدى نتائج الشورى و ذلك عندما يكون هناك اتفاق بين المتشاورين حول المسألة موضوع التشاور .

    إن مصطلح الإجماع بمشتقاته اللغوية التي انبثقت منها المعاني الإصطلاحية فيما بعد، كان موجوداً و مستعملاً في عصر الرسالة ، و لكنه لم يتم استخدامه في ذلك العصر كمصطلح علمي ينصوي تحت فن من الفنون ، بل كانت فكرة الإجماع تتمثل في تشاور أهل المعرفة و الرأي و رجال القيادة و الحكم في نازلة من النوازل التي تعم فيها البلوى و تمس حياة المجتمع و ذلك بغية الصدور عن رأي جامع في تلك النازلة . فنشأة الفكرة الإجماعية ارتبطت بنشأة الجماعة الإسلامية كـكيان سياسي متميز بالمدينة المنورة يوم قامت للمسلمين دولة في يثرب .

    و قد تمثلت فكرة الإجماع في تبني المنهج الجماعي في القضايا و النوازل و المستجدات التي تعم فيها البلوى و تشمل جميع أفراد الأمة حديثة التكوين . و كان لهذا الإجماع دور كبير في الإستقرار و الأمن الذي طبع سياسة الأمة في تلك الفترة . فعموم الأمة كانت تتحمل تبعة الرأي الجماعي الذي يشكله أهل الشأن و الدراية بموضوع الإجماع .

    و في عصر الخلفاء الراشدين كان منهج الخلفاء و الصحب امتداداً للمنهج النبوي في معالجة الأزمات و النوازل و كان منهجهم انعكاساً للتربية النبوية التي ربى النبي الكريم أصحابه عليها خلال سنوات البعثة .

    فكانت سياسة الصدّيق أبو بكر في مواجهة الأحداث و النوازل أن يجمع الصحابة و يستشير أعيانهم و أولي الأحلام منهم ثمّ الصدور عن الرأي الذي يتوصل إليه أهل العلم و المعرفة و الدراية . و أما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فإن منهجه في معالجة النوازل العامة هو ما أكده الإمام أبو عبيدة في كتاب " القضـاء " عندما قال : و كان عمر يفعل ذلك – أي مثلما كان يفعل أبو بكر – فإذا أعياه أن يجد ذلك في الكتاب و السنة ، سأل : هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء ؟ فإن كان فيه لأبي بكر قضاء قضى به و إلا جمع الناس و استشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به .

    و قد نقل الإمام الدارمي في مسنده عن المسيب بن رافع واصفاً المنهج الجماعي الذي كان الصحب الكرام ينتهجونه في التصدي للنوازل العامة ، و قال ما نصّه : كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر ، اجتمعوا لها و أجمعوا ، فالحقّ فيما رأوا .

    و على هذا يمكن القول بأن مفهوم الإجماع في هذا العصر لم يشهد تغييراً ذا بال على مستوى المحتوى و المنهج و لكنه شهد تويعاً في استخدامه و توظيفه في سائر النوازل و الحوادث التي داهمت الحياة الإسلامية في ذلك العصر و ذلك نتيجة تنوع و تتابع الأزمات و النوازل على الساحة الإسلامية .

    على أن الجدير بالذكر و التقدير أن الصحب الكرام ظلوا محافظين على استخدام هذه الوسيلة في القضايا و الشؤون التي تعم فيها البلوى و لم يستجرّوه للفصل في القضايا الخاصة . و لعل تكثيف استخدام الإجماع في هذا العصر هو الذي دفع الكاتبين في تاريخ نشأة الفكرة الإجماعية إلى اعتبار العصر الراشدي هو العصر الذي ظهر فيه هذا المصطلح ، و الحال أن معنى المصطلح و محتواه كان موجوداً و حاضراً و فاعلاً في حياة الأمة في عصر الرسالة على مستوى توجيه النوازل السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية التي تنزل بالمسلمين آنذاك . و قد حان الأوان لأن يعاد النظر فيما تصر المدونات الأصولية عليه من اعتبار الفكرة الإجماعية فكرةً ناشئة في العصر الراشدي ، كما أنه من الجدير بالمراجعة و التجاوز رأي الذين حصروا مصدرية الإجماع في العصر الراشدي دون سواه من العصور اللاحقة و السابقة .
    و نظرة متفحصة في المنهج الذي كان يتبعه خلفاء بني أمية و خلفاء بني العباس في التصدي للنوازل و الحوادث العامة خلال سني حكمهم تهدينا إلى القول بأن الإجماع أخذ يتراجع و يغيب كوسيلة لمواجهة الأزمات و أصبح أهل العلم و الدراية و المعرفة في ذلك العصر في واد و رجال الحكم و السياسة و القيادة في زاد آخر و غدا ثمـّة فصام نكد و قطيعة عميقة بين رجال السيف و الحكم و أهل القلم و العلم . و هنا لا بد من تسجيل التحول و التغير الذي حدث لمفهوم مصطلح الإجماع من جهة ، و مجالات توظيفه و استخدامه من جهة أخرى .

    فبعد أن كان الإجماع ينصبُّ على القرار الذي تتوصل إليه جماعة أهل الرأي و العلم و الدراية مع رجال الحكم و القيادة في التصدي للنوازل و الحوادث التي تعم الجماعة و الأمة ، غدا هذا المفهوم غير مستقر و لا معتبر . فقد تمّ استبعاد دور رجال القيادة السياسية في تصور الإجماع عند جماعة العلماء ، و كذلك فقد استبعد رجال القيادة السياسية العلماء في قراراتهم و مداولاتهم . و هكذا فإن القار الذي يتوصل إليه أيٌّ من الفريقين ما كان له أن يوصف بأنه رأي الجماعة ، الأمر الذي يعني في نهاية المطاف تعذر انعقاد إجماع في أيـة نازلة من النوازل .

    و من جهة أخرى فإن مجالات توظيف و استخدام فكرة الإجماع تغيرت و توسعت و أصبحت يقحم بها في جميع المسائل و القضايا بغض النظر عن كونها مسائل عامة أو مسائل خاصـة . و تمّ استدعاء مفهوم الإجماع للمصادقة على أحكام مسائل وردت فيها نصوص من القرآن و السنـة حتى المتواتر منها في كل صغيرة و كبيرة تحولاً عن سيرة الرعيل الأول من الأصحاب في توظيف فكرة الإجماع للإسهام في معالجة الأزمات المتجددة و النوازل العامة الطارئة .

    و أصاب مفهوم الإجماع تحول آخر إذ أصبح يعني موافقة جميع أهل العلم دون مخالفة أحد منهم ، بحيث إذا كان لأحد العلماء رأي مخالف لرأي الجماعة فإن الرأي الذي يتوصل إليه الغالبية لا يعـدُّ إجماعاً ملزماً و ذلك على العجميل لما كان عليه الأمر في عصر النبي صلى الله عليه و سلم و عصر الخلفاء الراشدين حيث كان يـُكتفى لإنعقاد الإجماع بالرأي الذي ترجحه الغالبية و السواد الأعظم و يتم إعتماده رأياً للجماعة تتحرك بموجبه تأكيداً لوحدة الكلمة و التوجه . أما الآراء التي أدلى بها المتحاورون عند التداول و التشاور بين أفراد أهل العلم و المعرفة ، فيتم التنازل عنها – عملياً – من أجل رأي الأغلبية .

    أضف إلى هذا أن القرار الإجماعي في عصر الرسالة و عصر الخلفاء الراشدين كان يتشكل من جماعة أهل العلم و المعرفة و الدراية في المنطقة التي تنزل بها النازلة ، و لم يـُؤثر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه بعث أحداً إثر العالمين من الصحابة القاطنين في أماكن أخرى للمشاركة في اتخاذ قرار الجماعة في النوازل التي كان يجمع لها الصحابة للتشاور و التحاور .

    و لم يُؤثـَر كذلك عن الخلفاء الراشدين استدعاؤهم علماء الصحابة أو الولاة إلى المدينة للتشاور معهم و التحاور في النوازل التي اتخذوا فيها قرارات عرفت بعد ذلك بإجماعات الصحابة .

    و هذا يعني أنه لم يكن ثـمّة توسع في اندراج عالمين خارج منطقة النازلة في عصر الرسالة و عصر الخلفاء الراشدين . و لكن هذا الحصر لدائرة الداخلين في تشكيل الإجماع تبدل و توسع حتى أصبح يشمل اندراج جماعة أهل العلم و المعرفة القاطنين في أرجاء الدولة الإسلامية بغض النظر عن كون النازلة عامة لجميع الأقطار أو خاصة لبعضها دون بعض .

    و من هنا يمكن القول إن هذه التحولات في مفهوم الإجماع و مجالات استخدامه صيّرته مصطلحاً ذا مفهوم مثالي – غير واقعي – و غير فاعل و لا مؤثر في تشكيل رأي موحد في توجيه الأمة عند الأزمات و النوازل .

    و لا تزال حالة مصطلح الإجماع على ما كانت عليه منذ عهد التدوين إلى يومنا هذا إذ ليس هناك تجديد في الموقف من المعاني المثالية التي نسجت حوله بعد عصر الخلفاء الراشدين . و على هذا فإن إعادة الواقعية و الفاعلية إلى مصطلح الإجماع تظل مرهونة بإعادته إلى سيرته الأولى وسيلة للتصدي للنوازل الفكرية و السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية التي تتجدد على الساحة يوماً بعد يوم ، للوصول إلى قرار جماعي – أغلبي - ينطوي على خير ما يعلمه أهل الدراية و المعرفة في الأمة ، و تجريده من المعاني المثالية التي نسجت حول مفهومه و المتأهلين له و مجالات توظيفه .

    إن النقاشات التي تمتلئ بها بطون كتب الفقه و الأصول حول فكرة الإجماع تعريفاً و حجيـّة، و إمكانية وقوع أو عدمه ، و شروط المجمعين ، و حكم نسخ الإجماع بإجماع آخر ، و غير ذلك من المسائل التي لا نفتأ نرددها ليل نهار ، إن تلك المناقشات تغفل ما كان للظروف السياسية و الفكرية من تأثير في توليدها و لهذا فإنها تجنح إلى التكرار و لا تسهم في البحث عن الحلول العملية و عن البدائل للخروج من النظريات المثالية في تاريخنا الإسلامي . و لهذا لا بد من إعادة الوعي للمنهج النبوي في تسيير الشؤون العامة للأمة و منهج خلفائه الراشدين في اتباع تلك المنهجية في قضايا الأمة المصيرية بحيث تستبعد دعاوى الإجماع في أية قضية فردية لا تعم بها البلوى ، و يكتفى بالحديث عن الإجماع في المسائل المصيرية لعموم الأمة و جوداً و تنظيماً و تخطيطاً . أما مسائل الأفراد و قضاياهم الخاصة سواء وردت فيها نصوص أم لم ترد ، فليس من المقبول اقحام الإجماع في تلك القضايا بل تترك للعلماء لإبداء وجهة نظرهم فيها بما يتناسب مع مرونة الشريعة لإستيعاب اختلاف الأحوال و الأشخاص .

    و يوم تعي القيادة السياسية في بلاد المسلمين هذا البعد الإجماعي في تدبير شؤون الأمة المصيرية و أحوالها العامة ، فإن استقراراً سياسياً و أمنياً سوف يعم الأرجاء فتنعم به البلاد و العباد .

    و أخيراً فإن ما يصادفه المرء في كتب الفقه و الأصول و الفروع من دعاوى الإجماع على كثير من المسائل الإجتهادية لا يعدو أن يكون دعاوى لا نصيب لها من الحقيقة و المشروعية ، و من ثمّ فإن تجاوزها باجتهاد شرعي صحيح لا يترتب عليه تفسيق و لا تبديع أو تكفير ، و ذلك ترجيحاً للمقولة الذهبية التي رد بها الإمام أحمد – رحمه الله – على غلاة دعاة الإجماع في كل صغيرة و كبيرة من المسائل الإجتهادية " .. من ادعى الإجماع فهو كذاب ، لعل الناس قد اختلفوا ، ما يدريه ؟ و لم ينته إليه ، و لكن يقول : لا نعلم الناس اختلفوا .

    و نأمل أن يكون في هذا التحليل الموضوعي لمعنى الإجماع تأصيل للتوجه الجماعي و نبذ الفردية في معالجة القضايا العامة . و نأمل كذلك أن لا يساء فهم هذا الطرح لمعنى الإجماع ليتخذ مسوغاً لطرح ما أجمع عليه علماء و مختصون في شأن من الشؤون قبل وضوح الحجة و قيام البينة على وجاهة الإنتقال من رأي إلى آخر لأسباب موضوعية واقعية و بعد استشارة و تداول يؤكد غياب الإرتجال و الإستعجال .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    تعريف الإجماع و بعض المسائل المتعلقة بالإجماع

    تعريف الإجماع و بعض المسائل المتعلقة بالإجماع بشيء من الاختصار وليس ذلك بالطويل الممل ولا بالقصير المخل رجوت فيه النفع للإخوة الفضلاء بأبسط صورة ليتمكن من فهمه المبتديء فارجو أن يحصل المقصود بذلك والله الموفق .
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

    أولاً : تعريف الإجماع لغةً واصطلاحاً :
    وهو في اللغة يرد لثلاث معان :
    أحدها : العزم على الشيء والتصميم عليه ذكره الجميلائي والفراء وغيرهما ، ومنه قولهم : أجمع فلان على كذا إذا عزم عليه ومنه قوله تعالى : فأجمعوا أمركم : أي اعزموا وبقوله عليه السلام : " لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل " ( أخرجه الخمسة من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة _ رضي الله عنهم _ مرفوعاً واختلف في وقفه ورفعه ورجح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والنسائي وقفه، ورجح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي والخطابي رفعه ، وقال البخاري : فيه اضطراب ، وقال أحمد : ماله عندي ذاك الإسناد )
    ويجمع أي يعزم وبهذا بوب الترمذي في سننه .
    وقال الشاعر :
    أجمعوا أمرهم بليلٍ فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

    الثاني : تجميع المتفرق ومنه قوله تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع

    الثالث : الاتفاق ذكره أبو علي الفارسي والراغب في المفردات والزبيدي وغيرهم ، ومنه قولهم : أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا عليه ، ويقال : هذا أمر مجمع عليه أي متفق عليه .
    وفي الحقيقة المعاني كلها تعود إلى معنى الاتفاق فالعزم على الشيء هو اتفاق الخواطر والنوايا على أمرٍ واحدٍ هو ما عزم عليه الشخص وتجميع المتفرق يؤول إلى الاتفاق .
    وقد اختلف في دلالة الإجماع على العزم والاتفاق هل هو من باب الاشتراك اللفظي ؟ أو أنه حقيقة في الاتفاق مجاز في العزم ؟ أو حقيقة في العزم مجاز في الاتفاق ؟ ثلاثة أقوال .
    الإجماع اصطلاحاً :
    اختلفت عبارات الأصوليين في تعريف الإجماع والسبب في هذا يعود إلى أمور :
    الأول : الخلاف في تحديد المجمعين فالبعض يرى أنه خاص بأهل الحل والعقد من المجتهدين والبعض الآخر يجعله عاماً فيدخل فيه جميع الأمة من العوام وغيرهم فمن يخصه بالمجتهدين يعبر بقوله : ( اتفاق المجتهدين ) ومن يدخل العوام يعبر بقوله : ( اتفاق الأمة ) .
    الثاني : الخلاف في زمن الإجماع فبعضهم يخصه بعصر الصحابة كابن حزم ومن وافقه وبعضهم يجعله عاماً في جميع العصور ، فمن يخصه بعصر الصحابة يعبر بقوله : ( اتفاق أصحاب رسول الله ) أو اتفاق ( الصدر الأول ) ومن يجعله عاماً يقول : ( اتفاق المجتهدين في جميع العصور )
    الثالث : الخلاف في الأمور المجمع عليها فبعضهم يحصرها في الأمور الشرعية وبعضهم يعممها ، فمن يحصرها بالأمور الشرعية يقول : ( اتفاق على أمرٍ أو حكمٍ شرعي أو ديني ) ومن يعممها يقول : ( اتفاق على أمرٍ من الأمور ) .
    الرابع : الخلاف في بعض شروط الإجماع مثل اشتراط انقراض العصر واشتراط بلوغ المجمعين عدد التواتر ونحوها فمن يشترط ذلك يجعله قيداً في التعريف ومن لا يشترطه لا يذكره في التعريف .

    التعريف المختار :
    لعل من أسلم التعريفات للإجماع والذي يتناسب مع ما نرجحه في مسائل الإجماع هو أنه :
    ( اتفاق المجتهدين من أمة محمدٍ بعد وفاته في عصرٍ من العصور على أمرٍ ديني )
    محترزات التعريف :
    قولنا ( اتفاق ) قيد يخرج الاختلاف ، واتفاق جنس يشمل كل اتفاق سواء كان من الكل أو من البعض وسواء كان من المجتهدين وحدهم أو من جميع الأمة ، ويؤخذ من قولنا اتفاق أنه أقل ما يمكن أن يحصل به الاتفاق اثنان .
    قولنا ( المجتهدين ) قيد يخرج من ليس مجتهداً كالعوام والعلماء الذين لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد ، و ( أل ) في المجتهدين للاستغراق أي اتفاق جميع المجتهدين فلا يكفي اتفاق الأكثر أو البعض كما سيأتي .
    فيخرج بهذا : قول الأكثر ، وإجماع أهل المدينة ، وإجماع الخلفاء الأربعة ، وإجماع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وإجماع أهل الحرمين : مكة والمدينة ، وإجماع أهل المصرين : الكوفة والبصرة فكلها لا تسمى إجماعاً كما سيأتي بيانه .
    والاجتهاد هو ( بذل الفقيه وسعه للوصول إلى حكمٍ شرعي ظني )
    قولنا ( من أمة محمدٍ ) قيد يخرج ما سوى الأمة المحمدية كاليهود والنصارى ، والمراد بالأمة هنا أمة الإجابة وهم المسلمون أتباع النبي ، وعليه فيخرج من كُفِّر ببدعته فلا عبرة بقوله .
    قولنا ( بعد وفاته ) قيد يخرج ما كان في حياته ؛ إذ لاحاجة إلى الإجماع حينئذٍ لنزول الوحي .
    قولنا ( في عصرٍ من العصور ) بيان أن المراد مجتهدو العصر الواحد وليس جميع المجتهدين في جميع العصور إلى قيام الساعة ؛ لأنه يلزم منه عدم حصول الإجماع إلا بعد قيام الساعة ولا تكليف عندئذٍ فلا حاجة إلى الإجماع .
    ويؤخذ من قولنا ( عصر ) أنه في أي عصرٍ كان فلا يختص ذلك بعصر الصحابة كما سيأتي بيانه .
    قولنا ( على أمرٍ ديني ) قيد يخرج ما سوى الأمور الدينية كالأمور الدنيوية والعقلية واللغوية ونحوها فهي غير داخلة في الإجماع الشرعي المعصوم والمراد هنا ، ويدخل في الأمر الديني العقائد والأحكام .

    ثانياً : إمكان حصول الإجماع وانعقاده :
    ذهب الأكثرون إلى القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده ، وذهب بعضهم _ وهم الأقل _ إلى عدم جواز ذلك ، وسوف نكتفي بذكر أدلة القول الأول وذلك لضعف وشذوذ القول الثاني ( الكلام في هذه المسألة عن الجواز العقلي لا الوقوع الشرعي ) .
    أدلة القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده :
    الدليل الأول : وجوده وحصوله فقد وجدنا الأمة مجمعة على أن الصلوات خمس وأن صوم رمضان واجب ، وكيف يمتنع تصوره والأمة كلهم متعبدون باتباع النصوص والأدلة القاطعة ومعرضون للعقاب بمخالفتها .
    فإن قيل هذه الأمور حصلت بالتواتر وليس بالإجماع ؟
    أجيب بأن هذه الأمور حصلت بالأمرين معاً : التواتر والإجماع مقارنة أو مرتباً بمعنى أنه حصل الإجماع والتواتر معاً ، أو حصل التواتر ثم الإجماع ، أو حصل الإجماع ثم التواتر فالمقصود هو أنه حصل فيها الإجماع وهو المطلوب .
    فإن قيل هذه علمت من الدين بالضرورة ومحل الخلاف هو فيما لم يعلم بالضرورة ؟
    أجيب : بأنه حصل الإجماع كذلك فيما لم يعلم بالضرورة كالإجماع على أجرة الحمام وأجرة الحلاق ، وخلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وتحريم شحم الخنزير ، وتحريم بيع الطعام قبل القبض ، وتوريث الجدة السدس ، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها وغير ذلك .

    الدليل الثاني : القياس على حصول الإجماع في الأمور الدنيوية فكما لا يمتنع اجتماعهم على الأكل والشرب لتوافق الدواعي فكذلك على اتباع الحق واتقاء النار .

    الدليل الثالث : القياس على حصول الاتفاق من الأمم الباطلة فكما حصل إطباق اليهود مع كثرتهم على الباطل فلم لا يتصور إطباق المسلمين على الحق ؟! .

    الدليل الرابع : أن الأصل هو الجواز والإمكان ، ويلزم من يدعي خلاف ذلك أن يأتي بالدليل .

    ثالثاً : إمكان الاطلاع على الإجماع و العلم به :
    اختلف في هذا على أقوال :
    الأول : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في جميع العصور وهو قول الجمهور .

    الثاني : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في العصور الثلاثة فقط وهو قول صاحب فواتح الرحموت .

    الثالث : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في عصر الصحابة فقط ، وأما بعدهم فيتعذر ذلك ، وهو رواية عن أحمد وظاهر صنيع ابن حبان في صحيحه ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وهو قول الفخر الرازي والآمدي وهو قول ابن حزم إلا أن هؤلاء يخالفون ابن حزم في الحجية فابن حزم يقصر الحجية على الصحابة فقط والبقية يرونه حجة في كل وقت وإنما يرون تعذر الاطلاع عليه بعد الصحابة .

    الرابع : أنه لا يمكن العلم بالإجماع ولا الاطلاع عليه مطلقاً ، وهو قول من رأى عدم إمكانية حصول الإجماع من باب أولى ، ومن رأى عدم حجيته أيضاً كالنظام المعتزلي وبعض الشيعة والخوارج .
    لعل أقرب هذه الأقوال هو القول الثالث وذلك لكثرة المجتهدين وتفرقهم في البلاد مما يتعذر معه جمع أقوالهم في وقت واحد بخلاف عصر الصحابة فالمجتهدون منهم معلومون بأسمائهم وأعيانهم وأماكنهم واجتماعهم لا سيما بعد وفاة النبي زمناً قليلاً ( الكلام هنا عن إمكان الاطلاع على الإجماع لا عن حجيته ) .

    رابعاً : حجية الإجماع :
    أكثر المذاهب الإسلامية ترى حجية الإجماع الشرعي ولم يخالف في ذلك إلا الخوارج والإمامية من الشيعة وطائفة من المرجئة والنظام المعتزلي كما سيأتي إن شاء الله .
    وقد قرر حجية الإجماع الأصوليون من أتباع المذاهب الأربعة وهذه نماذج من أقوالهم :
    المذهب الحنفي :
    قال أبو بكر الرازي ( الجصاص ) : ( اتفق الفقهاء على صحة إجماع الصدر الأول وأنه حجة الله لا يسع من يجيء بعدهم خلافه ، وهو مذهب جلِّ المتكلمين )
    وقال السرخسي : ( اعلم أن إجماع هذه الأمة موجب للعلم قطعاً كرامةً لهم على الدين )
    وقال : ( اجتماع هذه الأمة حجةٌ شرعاً كرامةً لهم على الدين )

    المذهب المالكي :
    - قال القرافي : ( وهو حجة عند الكافة )
    - وقال ابن جزي الغرناطي في تقريب الوصول : ( والإجماع حجة عند الجمهور )

    المذهب الشافعي :
    - قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في البرهان : ( ما ذهب إليه الفرق المعتبرون من أهل المذاهب أن الإجماع في السمعيات حجة )
    - وقال الشيرازي : ( وهو حجةٌ من حجج الشرع ودليلٌ من أدلة الأحكام مقطوعٌ على مغيبه )
    - وقال الفخر الرازي في المحصول : ( إجماع أمه محمد حجة خلافاً للنظام والشيعة والخوارج )
    - وقال الآمدي في الإحكام : ( اتفق أكثر المسلمين على أن الإجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم وخالف في ذلك الشيعة والخوارج والنظام )

    المذهب الحنبلي :
    - قال القاضي أبو يعلى : ( الإجماع حجةٌ مقطوعٌ عليها ، يجب المصير إليها ، وتحرم مخالفته )
    - وقال ابن قدامة في روضة الناظر : ( والإجماع حجة قاطعة عند الجمهور )

    إذا علم هذا فإن أكثر أهل العلم ذهبوا إلى حجية الإجماع خلافاً للنظام من المعتزلة والخوارج والإمامية من الشيعة وطائفة من المرجئة .
    وقد استدل الأكثر لحجية الإجماع بالكتاب والسنة :
    أ / أدلة الكتاب :
    1 – قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً دلت هذه الآية على حجية الإجماع من وجهين :
    الوجه الأول : من قوله : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً حيث وصفهم بأنهم ، وسط والوسط في اللغة العدول الخيار وفي هذا تزكية لهم ، والعدول الخيار لا يتفقون على باطل .
    الوجه الثاني : من قوله : لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً حيث نصبهم الله شهوداً وقبل شهادتهم على غيرهم وجعلهم حجة على الناس في قبول أقوالهم كما جعل الرسول حجة علينا في قبول قوله علينا .

    2 – قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا
    ووجه الاستدلال : أنه تعالى نهى عن التفرق ، ومخالفة الإجماع تفرق فكان منهياً عنه ، ولا معنى لكون الإجماع حجةً سوى النهي عن مخالفته .

    3 – قوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
    وجه الاستدلال : أنه تعالى أخبر أن هذه الأمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و ( أل ) في المعروف والمنكر تقتضي الاستغراق أي أنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر فإذا أمروا بشيء فلا بد أن يكون معروفاً وإذا نهوا عن شيء فلا بد أن يكون منكراً ، وإذا كانوا بهذا الوصف فإنه يجب قبول قولهم وهذا هو معنى حجية الإجماع .

    4 – قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونصله جهنَّم وساءت مصيراً
    وجه الاستدلال : أنه تعالى توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين وهو إجماعهم بالوعيد الشديد وقرن ذلك بمشاقة الرسول ، ولو لم يكن ذلك محرماً لما توعد عليه ولما حسن الجمع بينه وبين المحرم من مشاقة الرسول في التوعد .
    وهذه الآية استدل بها الإمام الشافعي _ رحمه الله _ في إثبات حجية الإجماع وهو أول من استدلَّ بها .

    5 – قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول
    وجه الاستدلال : أنه تعالى أمر بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع فيفهم منه أنه إذا لم يوجد التنازع فالاتفاق على الحكم كافٍ ، فالآية دلت على حجية الإجماع بالمفهوم .

    6 – قوله تعالى : وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله
    وجه الاستدلال : أنه تعالى أمر بالرجوع إلى حكمه عند الاختلاف فيفهم منه أنه إذا لم يوجد خلاف فالاتفاق على الحكم كافٍ ، فالآية دلت على حجية الإجماع بالمفهوم أيضاً كالآية السابقة .

    ب / أدلة السنة :
    تعتبر أدلة السنة أقوى مسلكاً وأكثر صراحةً لإثبات حجية الإجماع عند كثيرٍ من الأصوليين وقد تنوعت أدلة السنة في تقرير حجية الإجماع ويمكن تقسيمها ثلاثة أقسام :
    القسم الأول : الأحاديث التي جاءت تنفي وقوع الأمة في الخطأ وتثبت العصمة لها ومن ذلك قوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ( رواه أحمد والطبراني في الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه عن أبي نضرة الغفاري بلفظ : " سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها " وفيه راوٍ لم يسمَّ ، ورواه أبو داود والطبراني في الكبير وابن أبي عاصم في السنة عن أبي مالك الأشعري بلفظ : " إن الله أجاركم من ثلاث خلال أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً ، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وأن لا تجتمعوا على ضلالة " ، ورواه أبو عمرو الداني في الفتن من حديث أبي هريرة وفيه يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب وهو متروك ، ورواه أبو نعيم والحاكم في المستدرك عن ابن عمر رفعه بلفظ : " إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدا،ً وإن يد الله مع الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم فإن من شذَّ شذَّ في النار " . وكذا هو عند الترمذي لكن بلفظ " أمتي " وفي إسناده اضطراب أشار إليه الحاكم في المستدرك ، ورواه ابن ماجه وابن عدي في الكامل عن أنس رفعه بلفظ : " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم " وهو ضعيف جداً في إسناده أبو خلف الأعمى واسمه حازم بن عطاء متروك واتهمه ابن معين بالكذب ، وفيه معان بن رفاعة ضعيف أيضاً ورواه الحاكم عن ابن عباس رفعه بلفظ : " لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة ويد الله مع الجماعة " ورواه الدارمي عن عمرو بن قيس مرفوعاً بلفظ :" إن الله أدرك بي الأجل المرحوم واختصر لي اختصاراً فنحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، وأني قائل قولاً غير فخر إبراهيم خليل الله ، وموسى صفي الله ، وأنا حبيب الله ، ومعي لواء الحمد يوم القيامة وان الله عز وجل وعدني في أمتي وأجارهم من ثلاث لا يعمهم بسنة ولا يستأصلهم عدو ولا يجمعهم على ضلالة " وهو منقطع وفي إسناده عبد الله بن صالح ضعيف ، فالحديث لا يخلو طريق من طرقه من مقال كما قال غير واحد من المحدثين )

    وجه الاستدلال : أن عمومه ينفي وجود الضلالة ، والخطأ ضلالة فلا يجوز الإجماع عليه فيكون ما أجمعوا عليه حقاً

    القسم الثاني : الأحاديث التي جاءت تأمر بلزوم الجماعة ومن ذلك :
    1 – حديث ابن عباس _ رضي الله عنهما _ أن النبي قال : " من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية " متفق عليه .
    2 - عن أبي ذر قال : قال رسول الله : " من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم ، وروي نحوه من حديث الحارث الأشعري عند الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم ، ومن حديث ابن عباس _ رضي الله عنهما _ عند البزار والطبراني في الأوسط وفي سنده خليد بن دعلج وفيه مقال .
    3 – حديث ابن مسعود عن النبي قال : " نضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العلم لله ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم فإن الدعوة تحيط من ورائهم " أخرجه الترمذي ورواه ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت ورواه أحمد من حديث أنس بن مالك وأخرجه أحمد والدارمي وابن حبان والحاكم من حديث جبير بن مطعم وفي إسناده ضعف ، وأخرجه الدارمي من حديث أبي الدرداء وفي إسناده ضعف ( وقد جمع أبو عمرو المديني الأصبهاني رسالة في حديث " نضَّر الله " فذكره عن ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري ومعاذ بن جبل وبشير بن سعد والنعمان بن بشير وشيبة بن عثمان رضي الله عنهم )
    وجه الاستدلال من هذه الأحاديث وما في معناها :
    أن النبي ينهى في هذه الأحاديث عن مفارقة الجماعة ، ويأمر بلزوم جماعة المسلمين والمراد ما يقول به جماعتهم ، وما تتفق عليه كلمتهم ، وليس المراد به لزوم أبدانهم فالمسلمون متفرقون في مشارق الأرض ومغاربها .

    القسم الثالث : الأحاديث التي جاءت تبين أن الحق ملازم للجما
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 453
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009
    العمر : 40
    الموقع : http://www.wtswebservice.com

    تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Empty تابع الاجماع :الأحاديث التي جاءت تبين أن الحق ملازم للجماعة

    مُساهمة  Admin الأربعاء 27 أبريل 2011 - 11:14

    القسم الثالث : الأحاديث التي جاءت تبين أن الحق ملازم للجماعة ومن ذلك :
    حديث " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " أخرجه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه ، وهو حديث متواتر كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية والسيوطي والزبيدي والكتاني وغيرهم ، وقد ورد من رواية معاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة، وجابر بن سمرة ، ومعاذ بن جبل ، وجابر بن عبد الله ، وزيد بن أرقم ، وأبي أمامة ، وعمر ، وأبي هريرة ، ومرة البهوي ، وشرحبيل بن السمط ، وعقبة بن عامر ، وسعد بن أبي وقاص ، وسلمة بن نفيل الحضرمي ، وعمران بن حصين رضي الله عنهم ، وله عدة ألفاظ .
    وجه الاستدلال : أن النبي شهد لهذه الطائفة بكونها على الحق في جميع العصور فإجماعهم إذاً حجة.
    وأما دلالة العقل فذهب بعض الأصوليين إلى أنه لا مدخل له في هذا الباب وهو ما اختاره الغزالي ، وذكر الشوكاني أنه رأي معظم العلماء ، وأنهم اقتصروا على دلالة السمع في إثبات حجية الإجماع .

    خامساً : الأدلة التي استدلَّ بها من ينكر حجية الإجماع من الإمامية الشيعة والنظام المعتزلي والخوارج والمرجئة :استدلوا بأدلة من القرآن والسنة :
    1 / قوله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء
    وجه الاستدلال : أن الله تبارك وتعالى ذكر أن الكتاب تبيان لكل شيء فلا حاجة إلى الإجماع ولو كان الإجماع حجة لذكره .
    وأجيب عن هذا بأجوبة :
    1 – أن هذا بيانٌ مجمل ومما بينه القرآن حجية الإجماع كما سبق في أدلة الجمهور .
    2 – أن قولكم هذا منقوض بحجية السنة فإما أن تنكروا حجية السنة كالإجماع أو تثبتوا حجية الإجماع كالسنة .
    3 – أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى .
    4 – أن المسائل المجمع عليها تستند إلى الكتاب أو السنة وهي تعود إلى الكتاب .

    2 / قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول
    قالوا : أمر الله تبارك وتعالى بالرد إلى الكتاب والسنة ولم يذكر الإجماع ولو كان حجة لأمر بالرد إليه .
    وأجيب عنه بأجوبة :
    1 – أن الله أمر بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع ويفهم منه أنه في حال الاتفاق يكتفى به كما سبق .
    2 – أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع ونحن وإياكم تنازعنا في حجية الإجماع فنرد ذلك إلى الكتاب والسنة فنجدهما قد دلا على حجيته .
    3 – أن الله أمر بالرد إلى الكتاب والسنة وكل مسألة مجمع عليها فهي تستند إلى دليل من الكتاب أو السنة أو قياس يرجع إليهما .
    4 - أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى .

    3 / استدلوا بكل نص ورد فيه النهي بصيغة الجمع كقوله تعالى : ولا تقربوا الزنا ، وقوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، وقوله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم من إملاق وقوله تعالى : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وقوله تعالى : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ونحوها من الآيات .
    ووجه الاستدلال بها : أن الله نهى كل الأمة بصيغة الجمع عن هذه الأفعال وذلك يدل على تصور وقوعها منهم ومن تتصور منه المعصية لا يكون قوله ولا فعله موجباً للقطع ؛ إذ يجوز أن يجمعوا على معصية .
    وأجيب عنه بجوابين :
    1 - أن النهي في هذه النصوص ليس نهياً لهم عن الاجتماع بل نهيٌ للآحاد ، وإن كان كل واحد على حياله داخلاً في النهي فالنهي بصيغة الجمع ، والمراد كلُّ فردٍ على حدة وليس المراد أن يفعل ذلك الجميع دفعةً واحدة .
    2 - لو سُلِّم ما ذكرتموه فليس من شرط النهي وقوع المنهي عنه ولا جواز وقوعه فإن الله تعالى قال لرسوله : لئن أشركت ليحبطن عملك وقال : فلا تكونن من الجاهلين وقال عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون .

    4 / استدلوا بحديث معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله عز وجل ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله عز وجل ؟ قال فبسنة رسول الله ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله ؟ ، قال : اجتهد رأيي ولا آلو ، قال : فضرب رسول الله في صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
    وجه الاستدلال : أن معاذاً ذكر الاحتجاج بالكتاب والسنة والاجتهاد ، ولم يذكر الإجماع ، وأقره النبي على ذلك ، ولو كان الإجماع حجة لذكره معاذ أو تعقبه النبي .
    وأجيب عن هذا بأجوبة :
    1 – ان الحديث إسناده ضعيف فقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي والطبراني والعقيلي في الضعفاء والبيهقي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف والطيالسي في مسنده وابن سعد في الطبقات وابن عساكر في تاريخ دمشق والخطيب في الفقيه والمتفقه وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله وابن حزم في الإحكام من طريق شعبة عن أبي العون عن الحارث بن عمرو عن أناس من حمص من أصحاب معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعث معاذاً .. الحديث وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل :
    الأولى : أن الصواب فيه أنه مرسل كما قال البخاري والترمذي والدارقطني .
    الثانية : الحارث بن عمرو مجهول كما قال البخاري في التاريخ وابن حزم وابن الجوزي والذهبي والعراقي وابن حجر .
    الثالثة : جهالة أصحاب معاذ كما قال ابن حزم وابن الجوزي.
    وعليه فالحديث لا يثبت وقد ضعفه البخاري والترمذي والدارقطني والعقيلي وابن حزم وعبد الحق الأشبيلي وابن الجوزي في العلل وابن طاهر والعراقي والسبكي والألباني .
    وإن كان بعض أهل العلم كالخطيب البغدادي وابن تيمية وابن القيم مالوا إلى تقوية الحديث ورأوا ان الأمة تلقته بالقبول لكن الأكثر على تضعيفه كما سبق .
    2 – لو صح الحديث فهو في حياة النبي ولا إجماع في حياته .
    3 – أنه ذكر الكتاب والسنة وقد دلا على حجية الإجماع كما سبق .
    4 – أنه ذكر الكتاب والسنة وكل مسألة مجمع عليها فهي تستند إلى دليل من الكتاب أو السنة أو قياس يرجع إليهما .
    5 - أن غاية ما في الحديث السكوت عن حجية الإجماع ولم ينف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى .

    تنبيهان :
    1 - قد صرح غير واحد من الأصوليين بأن هذا القول شاذ لا يعتد به كابن الحاجب وشارحه العضد وابن عبد الشكور وصديق حسن خان .
    2 - الخلاف في حجية الإجماع هنا هو في إجماع الخاصة وهم المجتهدون أما ما أجمع عليه العامة والخاصة وهو الإجماع على ما علم من الدين بالضرورة فلا خلاف فيه كما قرر ذلك الزركشي في البحر المحيط وغيره .

    سادساً : بيان ما ورد عن الإمام أحمد _ رحمه الله _ فيما ظاهره رد الإجماع وتأويل أهل العلم لذلك :
    قد تقرر عند العلماء عامة وعند الحنابلة خاصة أن الإمام أحمد يرى حجية الإجماع وقد استدل به في كثير من المسائل ، لكن ورد عنه _ رحمه الله _ روايات ظاهرها يفيد رد الإجماع والإنكار على من نقل الإجماع وادعى حصوله ومن هذه الروايات :
    1 - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : ( ما يدعي الرجل فيه الإجماع هذا الكذب ، من ادعى الإجماع فهو كذب لعل الناس قد اختلفوا ، هذه دعوى بشر المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا يعلم الناس اختلفوا ) ذكره في مسائله وذكره ابن القيم في إعلام الموقعين وأبو يعلى في العدة .
    2 – وقال المرُّوذي : ( قال أحمد : كيف يجوز للرجل أن يقول : أجمعوا ؟! إذا سمعتهم يقولون : أجمعوا فاتهمهم ، لو قال : إني لم أعلم لهم مخالفاً جاز )
    3 – وقال أبو طالب : قال أحمد : ( هذا كذب ما علمه أن الناس مجمعون ؟! ولكن يقول : لا أعلم فيه اختلافاً فهو أحسن من قوله : إجماع الناس )
    4 – وقال أبو الحارث: ( قال أحمد :لا ينبغي لأحدٍ أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا )
    ذكر هذه الروايات أبو يعلى في العدة وابن تيمية في المسودة .

    وقد أوَّل ذلك العلماء عدة تأويلات منها :
    1 – أن هذا محمول على الورع نحو أن يكون هناك خلاف لم يعلمه ذكر هذا أبو يعلى في العدة وأبو الخطاب في التمهيد .
    2 – أن هذا محمول على من لم يكن عنده معرفة بخلاف السلف ، ذكره أبو يعلى وأبو الخطاب أيضاً ، ومال إليه ابن رجب وهو الذي يتوافق مع قوله : ( هذه دعوى بشر المريسي والأصم ) فإن هؤلاء لا علم لهم بخلاف السلف .
    3 – أن هذا محمول على إجماع من بعد الصحابة أو بعدهم وبعد التابعين أو بعد القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في المسودة .
    قال ابن تيمية : ( ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج بإجماع بعد عصر التابعين أو بعد القرون الثلاثة مع أن صغار التابعين أدركوا القرن الثالث وكلامه في إجماع كل عصر إنما هو في التابعين ثم هذا منه )
    4 – أنه محمول على دعوى الإجماع العام النطقي ذكره ابن تيمية أيضاً وابن النجار في شرح الكوكب المنير .
    5 – أنه محمول على التعذر واستبعاد حصوله مطلقاً في كل عصر ذكره ابن النجار في شرح الكوكب المنير وابن الحاجب المالكي وابن الهمام الحنفي .
    6 – أن هذا محمول على من انفرد بنقل الإجماع دون بقية العلماء ذكره صاحب فواتح الرحموت .
    7 – أن هذا محمول على من يدَّعي الإجماع بمجرد عدم علمه بالمخالف ثم يقدِّم هذا الإجماع الموهوم على النصوص وهذا ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين ويؤيد هذا قوله (لعل الناس اختلفوا ) وذكر ابن تيمية عن أحمد أنه قال في القراءة خلف الإمام : ادُّعي الإجماع في نزول الآية ، وفي عدم الوجوب في صلاة الجهر ، وإنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والأصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبى حنيفة ومالك ونحوهما ، ولا يعلمون أقوال الصحابة والتابعين .
    المصدر: سبيل الدعوة إلى الله


    تعريف الإجماع وتحليله

    تعريفــــه:
    الإجماع في اللغة الاتفاق، يقال: أجمعوا على الأمر اتفقوا عليه (المصباح المنير مادة جمع، والتلويح على التوضيح 2/41.)

    وهو في اصطلاح الأصوليين: (اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على حكم شرعي).

    تحليل التعريــف:

    اتفـاق: معناه الاشتراك في الاعتقاد أو القول أو الفعل، لأن ذلك كله من الإجماع، فلا يكون الإجماع خاصا بالقول فقط.

    المجتهديـن: فيه إخراج من لم يبلغ درجة الاجتهاد من العلماء، أو عوام الناس، فإنه لا عبرة بإجماعهم، وقد عرف باللام وهي للاستغراق هنا احترازا عن اتفاق بعض مجتهدي عصر من العصور، فإنه ليس إجماعا عند الجمهور كما سيأتي، خلافا لبعض العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيه احتراز عن اتفاق مجتهدي الشرائع الأخرى السابقة. فإنه ليس إجماعا عندنا (أن الإجماع من خواص هذه الأمة كما سيأتي تكريما لها ورفعا لشأنها.

    في عصــر: معناه في زمان ما، قل العدد أو كثر، تنكيره احترازا عن سبق الذهن إلى أن الإجماع هو إجماع كل المجتهدين في كل العصور إلى آخر الزمان، لأن الإجماع يجب فيه ذلك، بل إجماع المجتهدين في عصر واحد يكفي.

    على حكم شرعي: هذا قيد يخرج به ما ليس حكما، وما كان حكما غير شرعي، فإن الإجماع في ذلك ليس حجة عند الجمهور، وقد أطلق بعض العلماء التعريف ولم يذكر هذا القيد ومنهم ابن الحاجب حيث قال: (على أمر) ليشمل الشرعي وغيره، فيدخل في ذلك وجوب اتباع آراء المجتهدين في أمر الحروب ونحوها مما لا يدخل في نطاق الحكم الشرعي، ولكن يجاب عن هذا الإطلاق بأن من ترك اتباع هذا الإجماع الأخير إن كان يأثم في تركه، فهو إجماع على حكم شرعي يدخل في نطاق الإجماع بهذا القيد، وإن كان لا يأثم في ترك هذا الإجماع فهذا معناه أن ذلك ليس من الإجماع الملزم، فلا مانع أن يكون من الواجب إخراجه من التعريف.

    ركن الإجماع

    ركن الإجماع الاتفاق قولا أو عملا، بأن يتفق المجتهدون جميعا، لا يتخلف عن ذلك واحد منهم، على قول واحد، سواء كانوا مجتمعين في مكان واحد أو لا، بأن يثبت عنهم جميعا الفتيا في مسألة معينة على حكم واحد، وكذلك اتفاقهم في العمل، بأن يصدر عن كل منهم العمل في المسألة على نهج واحد، لأن العمل من المجتهد دليل المشروعية.

    هذا عند جماهير الفقهاء، وذهب بعض الناس إلى أن الإجماع هو إجماع الصحابة لا غير، لأنهم الأصول في أمور الدين لصلتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وشهودهم الوحي، فلا عبرة بإجماع غيرهم.

    وذهب ناس آخرون إلى أن الإجماع هو إجماع العترة النبوية لا غير لطهارتهم من الرجس بقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33) وذهب آخرون إلى أن الإجماع خاص بأهل المدينة دون غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المدينة طيبة تنفي خبثها)، ولا شك أن الخبث هنا هو الخطأ.

    وذهب قوم إلى أن الإجماع هو اتفاق أكثر المجتهدين فقط، ولا يشرط اتفاق جميعهم، فلو خالف قلة منهم لم يضر ذلك الإجماع، ومن هؤلاء بعض المعتزلة، والأصح مذهب الجمهور، لما يأتي في أدلة حجية الإجماع.



    أنواع الإجمــاع

    ما تقدم هو العزيمة في ركن الإجماع، وهي اتفاق المجتهدين جميعا قولا وعملا، والرخصة فيه على ما ذهب إليه بعض الأصوليين، أن يقول بعض المجتهدين في عصر من العصور قولا أو يعمل عملا فيسمع الآخرون به فلا يعارضونه، فإنهم بذلك ينزلون منزلة الموافق، ويعتبر هذا القول أو العمل مجمعا عليه منهم، وهو ما يسمى بالإجماع السكوتي، وإنما جعل رخصة لأنه جعل إجماعا ضرورة نفي نسبتهم إلى الفسق والتقصير في أمر الدين، فإن الساكت عن الحق في موضع الحاجة شيطان أخرس، ثم لو شرط لانعقاد الإجماع التنصيص من الكل لأدى إلى تعذر انعقاده، لأن في الوقوف على قول كل واحد منهم في حكم كل حادثة حرجا بينهم، فينبغي أن يجعل اشتهار الفتوى والسكوت من الباقين كافيا في انعقاد الإجماع، لكن هذا القول محل اختلاف كبير بين الفقهاء، يتضح فيما يلي:

    فقد ذهب الأصوليون إلى أن الإجماع على قسمين:

    1- إجماع صريح، وهو أن يتفق المجتهدون على قول أو فعل بشكل صريح، بأن يروى عن كل منهم هذا القول أو الفعل دون أن يخالف في ذلك واحد منهم.

    2- إجماع سكوتي: وهو أن يقول أو يعمل أحد المجتهدين بقول أو بعمل فيعلم الباقون بذلك فلا يظهرون معارضة ما.

    والقسم الأول هو العزيمة في الإجماع كما تقدم، وهو حجة باتفاق جماهير الفقهاء، أما القسم الثاني فقد اختلفوا في حجيته على آراء كما يلي:

    1- أنه ليس حجة مطلقا، ولا يعتبر من أنواع الإجماع الذي هو أحد مصادر الشريعة الإسلامية، وإلى هذا ذهب الشافعي رحمه الله، وعيسى ابن أبان من الحنفية، وأبو بكر الباقلاني من الأشعرية، وبعض المعتزلة، وداود الظاهري.

    2- أنه يعتبر إجماعا قطعيا، ولكنه في مرتبة ثانية بعد الإجماع الصريح، فلا يكفر جاحده، بخلاف الإجماع الصريح، فإنه يكفر جاحده كما سيأتي، وإلى هذا ذهب جمهور الحنفية وبعض الشافعية، وهو مذهب أحمد بن حنبل.

    3- أنه حجة بشرائط انقراض العصر، ليتيقن من انتفاء المعارضة، وهذا مذهب أبي اسحق الإسفرائيني.

    4- أنه إجماع ولكنه ليس قطعيا، إنما هو دليل ظني جميلائر الأدلة الظنية الأخرى، وهو مذهب أبي الحسن الكرخي من الحنفية، والآمدي من الشافعية.

    شــــروط صحة الإجماع:
    لا بد لصحة الإجماع من شرائط معينة، بحيث إذا فات واحد منها اعتبر إجماعا باطلا لا حجة فيه مطلقا، وهذه الشروط منها ما هو محل اتفاق ومنها ما هو محل اختلاف بين الفقهاء، وهي:

    1- انقراض عصر المجمعين: أي إن الإجماع لا يعتبر حجة إلا إذا انقرض عصر المجتهدين الذين أجمعوا على حكم المسألة، فما دام واحد منهم حيا لم يعتبر هذا الإجماع حجة.

    وقد ذهب إلى اشتراط هذا الشرط أحمد بن حنبل وبعض أصحاب الشافعي، واحتجوا بأن رجوع بعض المجتهدين محتمل ما داموا أحياء، فينتقض الإجماع بذلك، فإذا ماتوا انقطع هذا الاحتمال وثبت الإجماع.

    وذهب جمهور الفقهاء وفيهم الحنفية وبعض الشافعية إلى أن انقراض العصر ليس بشرط، واحتجوا بأن الإجماع إنما هو في اللغة الاتفاق لا غير، وقد حصل، فلا يحتاج إلى غيره معه، وردوا على أصحاب الرأي الأول بأننا لا نجيز للمجمعين الرجوع عن رأيهم بعد ما تم الإجماع منهم، وذلك لأن الرجوع إما أن يكون من الجميع فيكونون بذلك أجمعوا على نقيض إجماعهم الأول، فنكون بذلك أمام إجماعين: أحدهما باطل لا محالة، وهذا محال، لأن الإجماع دليل قطعي لا احتمال فيه للنقيض، وإما أن يكون الرجوع من واحد منهم فقط، وهذا محال أيضا، لأنه بذلك يخالف إجماع المؤمنين الذي هو حجة ملزمة للجميــع.

    وبذلك يسلم للجمهور مذهبهم في عدم اشتراط انقراض العصر.

    2- أن لا يكون على مسألة جرى فيها اختلاف بين الفقهاء في زمن الصحابة، فلو اختلف الصحابة في مسألة بينهم ولم يتفقوا فيها على حكم، امتنع على من بعدهم أن يجمعوا فيها على رأي.

    وقد ذهب إلى اعتبار هذا الشرط في صحة الإجماع أحمد بن حنبل، وأكثر الشافعية، وبعض أهل الحديث.

    وذهب الحنفية وبعض الشافعية إلى أنه لا عبرة بهذا الشرط مطلقا، ولا مانع عندهم من أن يجتمع التابعون على رأي خالف فيه بعض الصحابة.

    استدل أصحاب القول الأول بأدلة منهــا:

    أ- إن اختلاف الصحابة لا شك ناتج عن دليل، وهذا يعني أن لكل منهم دليل على ما ذهب إليه، فكان إجماع من بعدهم تأييد لأحد الرأيين خلافا للرأي الثاني المبتني على الدليل، والإجماع في معارضة الدليل باطل.

    ب- في تصحيح هذا الإجماع تضليل بعض الصحابة، إذ الإجماع حجة قطعية، فمن خالفه اعتبر ضالا، ومحال تضليل الصحابة بعد ما شهد لهم الرسول e بالخيرية في أكثر من حديث شريف.

    واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها:

    أن الأصل في الإجماع اتفاق أهل العصر، وقد فعلوا، فلا داعي إلى اشتراط شيء آخر.

    لا يعني قبول الإجماع هنا معارضة الدليل الأول المخالف، لأن هذا الإجماع كان مبطلا للدليل ومثبتا أنه ليس دليلا، فلم يبق في معارضة الدليل، كما إذا أنزل الله تعالى نصا بعد العمل بالقياس، فإنه مبطل لحكم القياس، وعلى ذلك لم يبق مبرر لتضليل الصحابة، لأنهم كانوا يتبعون دليلا ثم ألغي اعتبار ذلك الدليل.

    3 - قيام دليل يصلح للحكم: أو استناد الإجماع إلى دليل يصلح للحكم المجمع عليه، فقد ذهب جمهور الأصوليين إلى أن الإجماع لا يجوز انعقاده إلا إذا كان هناك دليل يدل على الحكم الذي يثبته الإجماع، ولم يشذ عن ذلك إلا قلة من الناس الذين رأوا أن الإجماع جائز ولو لم يكن هنالك دليل للحكم إلا الإلهام والتسديد.

    وقد استدل الجمهور لهذا الشرط بأدلة منها:

    أن الإجماع اجتهاد، بل هو مجموع اجتهاد المجتهدين، والاجتهاد معناه بذل الجهد في استخراج الحكم من دليله، فكان الإجماع كذلك، إذ ليس التشريع بدون دليل اجتهادا، بل تحكما، وهو ممنوع شرعا.

    إن إجماع الأمة جميعها دون خلاف واحد فيها دليل على وجود الدليل، لأن العقل يحيل عادة اجتماع آراء المجتهدين جميعا دون خلاف واحد منهم من غير دليل يستند إليه هذا الإجماع، وذلك اعتمادا على تعدد المشارب والاتجاهات الفكرية، وطرق الاستنباط، فكان قيام الدليل واستناد الإجماع إليه ضرورة عقلية.

    ولكن قد يقول قائل: إذا كان الإجماع محتاجا إلى دليل فلماذا لا نجعل هذا الدليل هو المستند في الحكم دون الإجماع، ثم ما هي فائدة الإجماع مع قيام الدليل؟

    والجواب على ذلك أن كثيرا من الأدلة التفصيلية في الشريعة الإسلامية ظنية في دلالتها وثبوتها معا، ومنها ما هو قطعي الثبوت ظني الدلالة، أو ظني الثبوت قطعي الدلالة، وقليل منها قطعي الثبوت والدلالة معا، فإن كان الإجماع مستندا إلى دليل قطعي الثبوت والدلالة، فالاعتراض صحيح، لأن الإجماع لم يفده شيئا، ولكن إذا كان الدليل ظني الثبوت، أو ظني الدلالة، أو ظني الثبوت والدلالة معا، فإن الإجماع في هذه الحال يرفعه من مرتبة الظن إلى مرتبة القطع، لأن الإجماع دليل قطعي من أدلة الأحكام، فكان محتاجا إليه لذلك، لا سيما أن أكثر الأدلة في الشريعة الإسلامية –كما تقدم- من هذا النوع.

    ج- أن لا يكون هناك نص قاطع يعارض ما جاء به الإجماع، سواء من القرآن الكريم أو السنة الشريفة، ولو كان هنالك نص قطعي يعارضه فالإجماع باطل، لأن الإجماع لا ينعقد في معارضة النصوص القطعية، إذ النصوص تأتي في المرتبة الأولى، والإجماع في المرتبة الثانية بعدها، ولذلك لا يصح في معارضتها، وكذلك لا ينعقد في معارضة إجماع سابق، لأن الإجماع حجة قطعية فلا تجوز مخالفته مطلقا، فإذا ما أجمع المسلمون في عصر من العصور على حكم لم يجز عقد إجماع بعدهم على خلافهم، وكل اتفاق على خلاف إجماعهم الأول باطل.

    المصدر / موقع العلوم الإسلامية
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

    الإجماع
    تعريفه:
    الإجماع لغة: العزم والاتفاق.
    واصطلاحاً: اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم على حكم شرعي.
    فخرج بقولنا: (اتفاق) ؛ وجود خلاف ولو من واحد، فلا ينعقد معه الإجماع.
    وخرج بقولنا: (مجتهدي) ؛ العوام والمقلدون، فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم.
    وخرج بقولنا: (هذه الأمة) ؛ إجماع غيرها فلا يعتبر.
    وخرج بقولنا: (بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم) ؛ اتفاقهم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا يعتبر إجماعاً من حيث كونه دليلاً، لأن الدليل حصل بسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، ولذلك إذا قال الصحابي: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون كذا على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ كان مرفوعاً حكماً، لا نقلاً للإجماع.
    وخرج بقولنا: (على حكم شرعي) ؛ اتفاقهم على حكم عقلي، أو عادي فلا مدخل له هنا، إذ البحث في الإجماع كدليل من أدلة الشرع.
    والإجماع حجة لأدلة منها:
    1 - قوله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)(البقرة: الآية143) فقوله: شهداء على الناس، يشمل الشهادة على أعمالهم وعلى أحكام أعمالهم، والشهيد قوله مقبول.
    2 - قوله تعالى: ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)(النساء: الآية59)دل على أن ما اتفقوا عليه حق.
    3 - قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (40).
    4 - أن نقول: إجماع الأمة على شيء، إما أن يكون حقًّا، وإما أن يكون باطلاً، فإن كان حقًّا فهو حجة، وإن كان باطلاً فكيف يجوز أن تجمع هذه الأمة التي هي أكرم الأمم على الله منذ عهد نبيها إلى قيام الساعة على أمر باطل لا يرضى به الله؟ هذا من أكبر المحال.
    أنواع الإجماع:
    الإجماع نوعان: قطعي وظني.
    1 - فالقطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس وتحريم الزنى، وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ولا كونه حجة، ويكفر مخالفه إذا كان ممن لا يجهله.
    2 - والظني: ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء. وقد اختلف العلماء في إمكان ثبوته، وأرجح الأقوال في ذلك رأي شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "العقيدة الواسطية" (41): "والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة". اهـ.
    واعلم أن الأمة لا يمكن أن تجمع على خلاف دليل صحيح صريح غير منسوخ، فإنها لا تجمع إلا على حق، وإذا رأيت إجماعاً تظنه مخالفاً لذلك، فانظر فإما أن يكون الدليل غير صحيح، أو غير صريح، أو منسوخاً، أو في المسألة خلاف لم تعلمه.
    شروط الإجماع:
    للإجماع شروط منها:
    1 - أن يثبت بطريق صحيح، بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء أو ناقله ثقة واسع الاطلاع.
    2 - أن لا يسبقه خلاف مستقر، فإن سبقه ذلك فلا إجماع، لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها.
    فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق، وإنما يمنع من حدوث خلاف، هذا هو القول الراجح لقوة مأخذه، وقيل: لا يشترط ذلك فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة، ويكون حجة على من بعده، ولا يشترط على رأي الجمهور انقراض عصر المجمعين فينعقد الإجماع من أهله بمجرد اتفاقهم، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم مخالفته بعد، لأن الأدلة على أن الإجماع حجة ليس فيها اشتراط انقراض العصر، ولأن الإجماع حصل ساعة اتفاقهم فما الذي يرفعه؟
    وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً، واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد، ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار، فقيل: يكون إجماعاً، وقيل: يكون حجة لا إجماعاً، وقيل: ليس بإجماع ولا حجة، وقيل: إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع؛ لأن استمرار سكوتهم إلى الانقراض مع قدرتهم على الإنكار دليل على موافقتهم، وهذا أقرب الأقوال.




    (40) رواه الترمزي (2167) كتاب الفتن ،7- باب ما جاء في لزوم الجماعة وقال : غريب . وأبو داود (4235) كتاب الفتن والملاحم باب ذكر الفتن ودلائلها وابن ماجه (3590) كتاب الفتن ،8- باب السواد الأعظم . قال البوصيري : وقد روى هذا الحديث من حديث أبي ذر ، وابي مالك الأشعري ، وابن عمر ، وأبي نضرة ، وقدامة ابن عبيد الله الكلابي ، وفي كلها نظر ، قال له شيخنا العراقي . وضعفه النووي في شرح صحيح مسلم (13/67) وحسنه الألباني في تخريج السنة (ح82) .
    (41) أنظر شرح العقيدة الواسطية للمؤلف رحمه الله (2/328) طبعة دار ابن الجوزي .
    الإجماع
    تعريفه:
    الإجماع لغة: العزم والاتفاق.
    واصطلاحاً: اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم على حكم شرعي.
    فخرج بقولنا: (اتفاق) ؛ وجود خلاف ولو من واحد، فلا ينعقد معه الإجماع.
    وخرج بقولنا: (مجتهدي) ؛ العوام والمقلدون، فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم.
    وخرج بقولنا: (هذه الأمة) ؛ إجماع غيرها فلا يعتبر.
    وخرج بقولنا: (بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم) ؛ اتفاقهم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا يعتبر إجماعاً من حيث كونه دليلاً، لأن الدليل حصل بسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، ولذلك إذا قال الصحابي: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون كذا على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ كان مرفوعاً حكماً، لا نقلاً للإجماع.
    وخرج بقولنا: (على حكم شرعي) ؛ اتفاقهم على حكم عقلي، أو عادي فلا مدخل له هنا، إذ البحث في الإجماع كدليل من أدلة الشرع.
    والإجماع حجة لأدلة منها:
    1 - قوله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)(البقرة: الآية143) فقوله: شهداء على الناس، يشمل الشهادة على أعمالهم وعلى أحكام أعمالهم، والشهيد قوله مقبول.
    2 - قوله تعالى: ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)(النساء: الآية59)دل على أن ما اتفقوا عليه حق.
    3 - قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (40).
    4 - أن نقول: إجماع الأمة على شيء، إما أن يكون حقًّا، وإما أن يكون باطلاً، فإن كان حقًّا فهو حجة، وإن كان باطلاً فكيف يجوز أن تجمع هذه الأمة التي هي أكرم الأمم على الله منذ عهد نبيها إلى قيام الساعة على أمر باطل لا يرضى به الله؟ هذا من أكبر المحال.
    أنواع الإجماع:
    الإجماع نوعان: قطعي وظني.
    1 - فالقطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس وتحريم الزنى، وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ولا كونه حجة، ويكفر مخالفه إذا كان ممن لا يجهله.
    2 - والظني: ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء. وقد اختلف العلماء في إمكان ثبوته، وأرجح الأقوال في ذلك رأي شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "العقيدة الواسطية" (41): "والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة". اهـ.
    واعلم أن الأمة لا يمكن أن تجمع على خلاف دليل صحيح صريح غير منسوخ، فإنها لا تجمع إلا على حق، وإذا رأيت إجماعاً تظنه مخالفاً لذلك، فانظر فإما أن يكون الدليل غير صحيح، أو غير صريح، أو منسوخاً، أو في المسألة خلاف لم تعلمه.
    شروط الإجماع:
    للإجماع شروط منها:
    1 - أن يثبت بطريق صحيح، بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء أو ناقله ثقة واسع الاطلاع.
    2 - أن لا يسبقه خلاف مستقر، فإن سبقه ذلك فلا إجماع، لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها.
    فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق، وإنما يمنع من حدوث خلاف، هذا هو القول الراجح لقوة مأخذه، وقيل: لا يشترط ذلك فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة، ويكون حجة على من بعده، ولا يشترط على رأي الجمهور انقراض عصر المجمعين فينعقد الإجماع من أهله بمجرد اتفاقهم، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم مخالفته بعد، لأن الأدلة على أن الإجماع حجة ليس فيها اشتراط انقراض العصر، ولأن الإجماع حصل ساعة اتفاقهم فما الذي يرفعه؟
    وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً، واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد، ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار، فقيل: يكون إجماعاً، وقيل: يكون حجة لا إجماعاً، وقيل: ليس بإجماع ولا حجة، وقيل: إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع؛ لأن استمرار سكوتهم إلى الانقراض مع قدرتهم على الإنكار دليل على موافقتهم، وهذا أقرب الأقوال.

    (40) رواه الترمزي (2167) كتاب الفتن ،7- باب ما جاء في لزوم الجماعة وقال : غريب . وأبو داود (4235) كتاب الفتن والملاحم باب ذكر الفتن ودلائلها وابن ماجه (3590) كتاب الفتن ،8- باب السواد الأعظم . قال البوصيري : وقد روى هذا الحديث من حديث أبي ذر ، وابي مالك الأشعري ، وابن عمر ، وأبي نضرة ، وقدامة ابن عبيد الله الكلابي ، وفي كلها نظر ، قال له شيخنا العراقي . وضعفه النووي في شرح صحيح مسلم (13/67) وحسنه الألباني في تخريج السنة (ح82) .
    (41) أنظر شرح العقيدة الواسطية للمؤلف رحمه الله (2/328) طبعة دار ابن الجوزي .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    حجة الاجماع في بعض قضايا الامة فلنحاجهم بها متجدد
    متجدد حاجوهم بالاجماعات

    كي لا تتفرع الشبهات ويتولد بعضها من بعضٍ ويضيع المرء في متاهات المناقشات الطويلة فينبغي الاستمساك أولاً بالمسائل المجمع عليها والتي نص عليها العلماء بعبارات واضحة فصيحة صريحة بحيث تبقى هي قطب الرحى التي عليها المدار، فمهما طرح بعد ذلك من الإشكالات والاعتراضات فإنما هي مكمِّلات لا تنقض الأصل ولا تُبطِله، وذلك لأن بعض من يتولى كبر اختلاق الشبهات وإثارتها يعمَد إلى بعض أخطاء المجاهدين الحقيقية أو الموهومة فيضخمها ويدندن حولها ويحاول جهده أن يعطِف كل أعمالهم عليها ويغمرها فيها، ويظهرهم للناس في صورة سوداء قاتمة لا خير فيها بل هي الشرُّ كلّه والفساد كله، ومرامه من ذلك الاعتراض بكل وسيلة لإبطال القيام بعبادة الجهاد تحت دعوى عدم الجدوى، أو أن إثمها أكبر من نفعها، ثم أصبح الاتجاه العام للشبهات أخيراً هو التركيز على عدم الشرعية أصلاً، خاصة فيما يتعلق بقتال الحكومات المرتدة المتسلطة على بلدان المسلمين، لا سيما مع موجة شعارات الانفتاح والمصالحة والمصارحة والحوار وهي إحدى ثمرات الضربات التي تلقتها تلك الأنظمة المستبدة التي لم تكن تعرف إلا سياسة واحدة {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر/29]، ومثلها: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}[الشعراء/29] ولكن يأبى القوم إلا أن يجعلوا هذه (الحسنة) هي من خالص هبات وعطيات أولئك الطغاة العتاة التي أتحفوهم بها وأكرموهم بنوالها، ونحن نقول لهم إن مجاملاتهم لكم لن تدوم ومسايراتهم لن تستمر، فإنما هي طفرة عابرة اقتضتها ظروف طارئة فتكيفوا معها لطلب مصلحتهم هم لا مصالحكم، فهؤلاء المجرمون قد رضعوا النذالة والطغيان والبغي وتوارثوها فيما بينهم، وشبت أنظمتهم وشابت على سياسات العتو والقهر والكبت، والشجرة الخبيثة لا يقطع خبثها إلا اجتثاثها من الأرض فلا يبقى لها قرار ومحاولة تحسينها وتطييبها ضرب من العبث : {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}[إبراهيم/26]، فالحقيقة الكامنة في صدورهم والتي لا يجدون عنها فكاكاً هي ما ذكرها الله لنا في حق أمثالهم حيث يقول جل وعلا :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[آل عمران/118، 119].
    فعلى الناصح لنفسه ولأمته أن يضع هذا الأمر نصب عينيه ولا ينخدع بدعاوى زائفة، أو مظاهر خادعة، أو سياسات كاذبة، ولا يغريه انسياقهم وراء ظرفٍ عابرٍ لا يتوافق أبداً مع ما طبعت عليه نفوسهم، فيتّخذه ملاذاً ويعدّه مفازاً فيتشبث به تشبث الغريق بالقشَّة التي لن يزداد بها إلا رهقاً وغرقاً : {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}[الممتحنة/2].
    الإجماع الأول: اتفق العلماء قاطبةً على أنَّ مَن اتخذ له مرجعاً غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، يحلل به الحرام المجمع عليه، أو يحرم به الحلال المجمع عليه، فهو كافرٌ يجب قتاله حتى يرجع إلى الحق ويستسلم وينقاد ويذعن للدين الذي لا يقبل الله من المرء سواه، وسواء سُمي ذلك المرجعُ قانوناً، أو دستوراً، أو نظاماً، أو عرفاً، أو عادةً، أو مرسوماً، أو ياسقاً، أو غيرها، فكلُ ذلك في الحُكم سواء، فالعبرة في شرعنا بالحقائق والمسميات لا بالرسوم والأسماء، وسواء كان ذلك المرجعُ عالمياً أو إقليمياً أو محلياً أو قبلياً، ففي كل هذه الحالات لا يخرج عن كونه حكماً جاهلياً بنص القرآن ووصفه كما قال أحكم الحاكمين: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة/50]، فلا طريق إلى التلفيق والتوفيق فإما حكم الله الذي أوحاه لنبيه صلى الله عليه وسلم وإما حكم الجاهلية الجهلاء مهما ازَّينت وتبخترت وتطوَّرت.
    قال العلامة الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله : [ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المُحْكَم المشتمل على كل خيرٍ، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستندٍ من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم اليَساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير](تفسير ابن كثير : 3 / 131).
    وقال -رحمه الله- بعدما نقل نُتفاً مما جاء في ياسق جنكزخان من القوانين : [وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين.](البداية والنهاية: 13 / 139).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : [والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال - المجمع عليه - أو بدل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء](مجموع الفتاوى:3 / 267).
    ولا شك أن الدساتير (المحلية والعالمية) التي تساس بها الدول وتتحاكم إليها وتتخذها مرجعاً لفض منازعاتها قد وضعها الواضعون بمجرد نظرهم وأهوائهم فصارت فيما بينهم شرعاً متبعاً حتى سمَّوه هم أنفسهم (بالشرعية الدولية)، وأصبحت تلك الشرعية معياراً على الالتزام والتمسك والانقياد لقوانينهم فتراهم يصفون بعض الدول بأنها خارجة عن الشرعية الدولية، أو مناقضة للشرعية الدولية، أو مخالفة للشرعية الدولية وهلم جرا من الأوصاف التي تدل على أن تلك الشرعية صارت هي الميزان والأصل الذي تُقوَّم به سياسات الدول، ومع ذلك فتراهم بين الحين والحين يغيّرون ويبدلون، ويؤصِّلون وينقضون، وتسمع من داخلهم أيضاً صيحاتٍ تنادي بتغيير الدستور أو إصلاحه، ولو كان شرعاً مُحكماً و ديناً قيماً لما تجرأ أحدٌ –مهما كان- بأن يدعو إلى تغييره أو تبديله أو همزه ولمزه، فلهم دينهم ولنا ديننا، ولهم دستورهم ولنا كتابنا الذي :{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت/42]، ولهم شرائعهم وأهواؤهم ولنا شريعتنا التي أوحاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وقال له فيها : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}[الجاثية/18، 19].
    ومِن عجائب القوم التي تكشف لك هشاشة الأفهام واستحسانها الباطل بمجرد الأوهام، كما أنها تُظهر مدى تأثير الأسماء في ترويج الباطل وتسويقه وعدم الشعور بشناعته بل ربما تقود إلى استملاحه والدعوة إليه: أنك لو افترضت لهم دولةً من (الدول الإسلامية) القائمة اليوم قد ارتضت صراحةً بأن يكون قانونها (دستورها) هو التوراة أو الإنجيل أوالزبور لمَادت الأرض بمن فيها استنكاراً واستعظاماً واستعاذةً من شر هذا الكفر الأكبر المستبين!، ولأطبق الناس أجمعون أكتعون أبتعون عالمهم وجاهلهم خواصُّهم وعوامهم على كفر الداعي لذلك والراضي به والمدافع عنه من غير ترددٍ، هذا مع أن التوراة والإنجيل في أصلها كتبٌ منزلةٌ من عند الله على رسولين من أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام وإنما حرَّفها المحرِّفون (بمجرد نظرهم وأهوائهم) ليشتروا به ثمناً قليلاً، ولا يزال فيها شيءٌ مما أقره القرآن أو صدَّقه، هذا في الوقت الذي تجد فيه كثيراً من الدعاة المرموقين وحركات إسلامية تنادي بتحكيم الدساتير الوضعية أو التحاكم إليها عند الخصام والتي لا يشك شاكٌّ أن قوانينها وبنودها قد وُضعت تبعاً للأهواء وتلبية للشهوات، ومِن إناسٍ لا علم لهم لا بدينٍ ولا شريعةٍ ولا حلالٍ ولا حرامٍ فهم لم يستحقوا حتى صفة الأحبار والرهبان بل تجدهم أجهل الجهلاء وأسفه السفهاء، وما يتشدقون به من المعارف والعلوم فإنه لا يغني من الحق شيئاً : {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم/7].
    فقطعاً لا تمت تلك الدساتير إلى الشرع والدين بصلةٍ، وما مزجت به من بعض أحكام الملة الإسلامية فهو على طريقة الياسق التي سبقهم إليها عبقري الياسقات ومبتكرها جنكيزخان!، فهم وإن كانوا في القرن الحادي والعشرين إلا أنهم لم يأتوا بجديدٍ سوى تطور المزج والخلط تبعاً لتشعّب الأهواء وسُعار الشهوات، وقد أشار الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله إلى هذا المعنى فيما نقلته أعلاه بقوله وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه)أهـ. ونحن نقول فكيف بمن تحاكم إلى الدساتير الوضعية وقدّمها على شريعة الرحمن؟!
    والمجاهدون حينما يتكلمون عن كفر هذه الدول المحللة للحرام المجمع عليه والمحرمة للحلال المجمع عليه ليسوا هم أولَ من يطرق هذه المسألة كما أنهم لم يختصوا بالحديث عنها فما زالت كتب العلماء المعاصرين شاهدةً ناطقةً بما يسيرون عليه، إلا أن البعض لمَّا طال عليهم الأمد، ورأوا أن هذه الدول قد استحكم أمرها وتمكَّن شرُّها، وألف الناس حالها، بدأوا يبحثون عن مخارجَ (شرعية) تعيد لهذه الأنظمة شرعيتها حتى يُعفوا أنفسهم من قول كلمة الحق المُرَّة التي تواجه الباطلَ بما فيه فبدأ جيش الشبهات يزحف على هذا الأمر المقطوع به المجمع عليه ليُدْخَل دائرة التشكيك والمناقشات والأخذ والرد:
    كناطح صخرة يوماً ليوهنها ...فلم يضرها وأوهى قرنه الوعِلُ.
    قال العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- معلقاً على كلام الإمام ابن كثير –رحمه الله- :[أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير –في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي الذي صنعه عدو الإسلام جنكزخان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، وفي القرن الرابع عشر؟ إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفا: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام. أتى عليها الزمن سريعا، فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت.
    ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالا وأشد ظلما وظلاما منهم. لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر. هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباء وأبناء، ثم يجعلون مرد أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري"! ويحقرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة.
    بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي من الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم الجديد"، بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرحون – ولا يستحيون- بأنهم يعملون على فصل الدين عن الدولة!!
    ....إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسبون للإسلام –كائنا من كان- في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها. فليحذر امرؤ لنفسه و "كل امرئ حسيب نفسه"](عمدة التفسير: 1/697). يتبع
    المصدر: نداء الحق - من قسم: منتدى رد الشبهات
    وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله - : [فليعلم كل إنسان أن للشيطان مذهبا وقانونا وشرعا وضعه على ألسنة أوليائه من مردة الإنس، ولخالق السماوات والأرض نظاما وشرعا: نورا منزلا من السماء شرعه على على ألسنة أوليائه، فالذين يعدلون عن نور الله الذي شرعه على ألسنة أوليائه إلى تشريع الشيطان الذي شرعه على ألسنة أوليائه داخلون في قوله : "قد استكثرتم من الإنس"، وداخلون في قوله " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون" سواء سموا ذلك قانونا، أو سموه نظاما، أو تشريعا؛ لأن خالق السماوات والأرض لا يقبل أن يعبد إلا بما شرع؛ لأنه ملك الملوك لا يقبل غير شرعه وتشريعه كما قال: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" ، "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون"، فالحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه الله، وكل من يتبع نظاما شيطانيا وضعه الشيطان على مردة شياطين الإنس من أوليائه فإنه يوم القيامة صائر إلى النار داخل في قوله: "ولقد أضل منكم جبلا كثيرا"، وفي قوله : "يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس"...فكل تشريع غير تشريع الله، وكل نظام غير نظام السماء الذي يمشي عليه كأنه يقول: تشريع خالق السماوات والأرض أفضل منه تشريع غيره!! فهو ينزل درجة الخالق –جل وعلا، سبحانه عن ذلك وتعالى علوا كبيرا- إلى أن أوضاعا ملفقة من أذهان الكفرة الفجرة الخنازير أنه أحسن من تشريع الله!! ولذا يعدلون عن نور القرآن والسنة النبوية الصحيحة إلى ما يسمونه قانونا ونظاما وضعه أبناء الكلاب القردة الخنازير من اجتهاداتهم، تارة يحرمون ما أحل الله صريحا، ويحللون ما حرم الله صريحا، يزعمون أن الهدى في هذا!! هذا –والعياذ بالله- من أشنع الكفر والطغيان على الله، والتمرد على نظام السماء، واحتقار الخالق- جلا وعلا- حيث كان تشريعه لا ينفع، وتشريع غيره من سفلة الخنازير أحسن من تشريعه!! وهذا إنما وقع والعياذ بالله- بسبب طمس البصيرة؛ لأن نور البصيرة إذا طمس من قلب الإنسان صار يرى الباطل حقا، والحق باطلا، والحسن قبيحاً، والقبيح حسناً، والذين يعدلون عن نور الله يطلبون النور في تشريع المخلوقين هم في الحقيقة –بالكلمة التي هي بمعنى الحرف الصحيح- هم خفافيش البصائر، أعماهم ضوء القرآن فصاروا يطلبون الضياء في ظلام أفكار الكفرة الفجرة](العذب النمير : 2/637).
    وقال العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- بعدما ذكر صورا من مناقضة القوانين الوضعية لبعض قطعيات الإسلام مناقضة باتة: [وكل هذه الأشياء وأمثالها تحليل لما حرم الله، واستهانة بحدود الله، وإنفلات من الإسلام، وكلها حرب على عقائد المسلمين، وكله تعطيل لفروض الدين]اهـ.
    وكلام العلماء في هذه المسألة المقطوع بها كثيرٌ وفيرٌ.
    فهل يستطيع أحدٌ ا
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 453
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009
    العمر : 40
    الموقع : http://www.wtswebservice.com

    تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Empty *آراء في حجية الاجماع:

    مُساهمة  Admin الأربعاء 27 أبريل 2011 - 11:22

    آراء في حجية الاجماع:
    قبل ان نخوض في بيان آراء الفقهاء في الاجماع و مدى حجيته، لابد من التذكير بان الاجماع قسمان: الاول: ما يكون في ثوابت الشريعة، فمعناه- عندي- اتفاق عدد من الفقهاء يكشف اتفاقهم عن حكم الشريعة، وهو امارة من الامارات، و حجيته قائمة على اساس افادته للاطمئنان عند العقلاء ، ولانه طريق عقلائي، و يتحدد بشروط سائر الامارات التي سبق ذكرها.
    الثاني: ما يكون في المتغيرات، أي في شؤون المسلمين، فمعنى الاجماع آنئذ اكثرية آلاراء، وحجتيه بعد امضاء ولي الامر، تعتمد على حجية الشوري.
    بعد هذه المقدمة نقول:
    حكى العلامة الشيخ الانصاري عن علماء السنة ان الاجماع هو: اتفاق جميع العلماء في عصر. اما عن علماء الشيعة فحكى قول البعض بانه اتفاق امة محمد (ص) على وجه يشمل قول المعصوم. ثم قال: فظاهر إطلاقهم ( علماء الشيعة) ارادة دجميل قول الامام، وهذا هو الذي يدل عليه كلام المفيد، و المرتضى، و ابن زهرة ، والمحقق ، و العلامة، و الشهيدين، ومن تأخر عنهم. و اما اتفاق من عدا الامام بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الامام بقاعدة اللطف ( كما عن الشيخ "ره") او التقرير كما عن بعض المتاخرين، او بحكم العادة القاضية باستحالة توافقهم على الخطأ مع كمال بذل الوسع في فهم الحكم الصادر عن الامام-ع- ، فهذا ليس اجماعا اصطلاحيا الا ان ينضم قول الامام المكشوف عنه باتفاق هؤلاء الى اقوالهم.
    ولكنه نقل عن صاحب المعالم ان جمعا من الاصحاب( العلماء) لا يتقيدون بهذا المصطلح في كتبهم الفقهية فقال: والعجب من غفلة جمع من الاصحاب عن هذا الاصل، وتساهلهم في دعوى الاجماع عند احتياجهم اليه للمسائل الفقهية، حتى جعلوه عبارة عن اتفاق جماعة من الاصحاب، فعدلوا به عن معناه الذي جدى عليه الاصطلاح من دون نصب قرينة جلية. أول دليل لهم على الحجية يعتد به. و نقل صاحب المعالم عن الشهيد: انه اول كثيرا من الاجماعات لاجل مشاهدة المخالف في مواردها بإرادة الشهرة، او بعدم الظفر بالمخالف حيث دعوى الاجماع، او بتأويل الخلاف على وجه لاينافي الاجماع او بإرادة الاجماع على الرواية و تدوينها في كتب الحديث.
    وفي معرض حديثه عن حجية الاجماع ذكر العلامة النائيني- حسب التقريرات- مجموعة ادلة على حجية الاجماع، ثم ردها جميعا. وتبعا للعلامة الانصاري الذي رد هو الاخر الادلة التي ساقها البعض على حجية الاجماع بقدر من التفصيل. و نحن ننقل فيما يلي كلام العلامة النائيني لإيجازه يقول:
    ان منشأ حجية الاجماع في حد نفسه:
    1/ اما دجميل الامام ( المعصوم عليه السلام) في المجمعين.
    2/ و اما كشف قوله ( من خلال الاجماع استدلالا عليه) بقاعدة اللطف ( التي تعني انه يستحيل ان يسمح الله لامة الرسول بالاجتماع على خطأ وانه لو اجمعوا على الخطأ لوجب على الامام المعصوم(ع) ان يتدخل بابداء رأي مخالف تحقيقا للطف الله بعباده) .
    3/ و اما الحدس و كشف رأي الرئيس من آراء المرؤوسين.
    4/ و اما القطع بالحكم الناشيء من تراكم الظنون، كما يحصل القطع بالخبر المتواتر.
    ثم اخذ في بحث هذه الوجوه، الواحد بعد الاخر فقال و الكل لايخلو عن الاشكال.
    1/ اما الاول: فهو وان كان محتملا في الصدر الاول ( حيث كان الائمة بين الناس)، كما اذا افترضنا اتفاق الصحابة على حكم و كان فيهم امير المؤمنين عليه السلام. الا انه غير محتمل في الازمنة المتأخرة لا سيما في زمان الغيبة.
    2/ و اما الوجه الثاني: فهو انما يتم فيما اذا وجب على الامام عليه السلام تبليغ الاحكام، ولو على النحو غير المتعارف ، واما بناء على عدمه. فلو فرضنا انهم عليهم السلام بينوا الاحكام على النحو المتعارف،ولكن الحكم الواقعي لم يصل الى العلماء لاخفاء الظالمين له، فاي دليل على وجوب القاء الخلاف له؟ واي ثمرة تترتب على ذلك.
    ثم قال:
    3/ و اما الوجه الثالث: فهو انما يتم فيما اذا كان اتفاق المرؤوسين ناشئا عن تبيان وتواطيء فيما رجع الى الرئيس، و امكن الوصول الى شخصه عادة، فان اتفاقهم في مثل هذه الصورة يكشف عن رأيه لا محالة، وهذا بخلاف ما لم يكن كذلك . ثم قال: و من الواضح ان اتفاق العلماء على فتوى من قبيل القسم الثاني دون الاول ( فلا حجية فيه).
    4/ و اما الوجه الرابع: (الكشف عن حجة معتبرة).
    ففيه تفصيل، فان الاتفاق اذا كان في مورده اصل مسلم او قاعدة مسلمة او دليل في المسأله، بحيث يمكن اتكال المجمعين(واعتمادهم) عليه فلايمكن كشف الحجية المعتبرة منه، كما هو واضح لأن المهم آنئذ الدليل الذي نحتمل استناد المجمعين عليه).
    واما اذا لم يكن كذلك، فان كان الاتفاق من المتأخرين و القدماء الى ان ينتهي الى اصحاب الائمة عليهم الاسلام، فلا ريب في كشفه عن حجة معتبرة مسلمة عند الكل.
    ثم بعد ان نفي حجية غير ذلك. قال:
    5/ و اما الوجه الخامس: (القطع بالحكم الناشيء بسبب تراكم الظنون مثل التواتر).
    فقبله بشروط حيث قال: ان ناقل الاجماع اما ان يكون من القدماء ، وهم السابقون على المحقق و العلامة(قدس الله سره) واما ان يكون من القدماء ( فان نقلهم الاجماع غير دقيق ولذلك لايعتمد كثيرا عليه) فالمعلوم من حالهم انهم يثبتون حجية اصل، او قاعدة، بالاجماع، ثم يدعون في موارد ذلك الاصل او تلك القاعدة الاجماع على الحكم في تلك الموارد فلا يترتب على نقلهم الاجماع اثراصلا،و اما المتاخرون فلا يدعون الاجماع الا في موارد الاتفاق على خصوص الحكم في المسألة الفرعية، الا انه لابد من ملاحظة حال الناقل( ناقل الاجماع) و مورد النقل ( مثلا هل هو مما تناوله العلماء جميعا و كان مبتلى به يومئذ ام لا؟ ) فان كان المتحصل من نقله( أي نقل من حكى الاجماع) للفتاوى على نحو الاجمال، ولو بضميمة ما حصله المنقول اليه بمقدار يكشف عن وجود حجة معتبرة مسلمة عند الكل فيها( فهو حجة) ،والا فلا يترتب عليه اثر اصلا.
    هكذا بين العلامة النائيني وجه الاشكال في ادلة حجية الاجماع المنقول ، بل انه استعرض فيما يبدو- ملاحظاته على الاجماع ذاته. و هذه في عادة فقهائنا في بحوثهم الاصولية و الكلامية، الا انهم في الفقه تراهم مهتمين بالاجماع كثيرا، حتى انهم قد يبذلون جهدا كبيرا في التعرف على اراء الفقهاء السابقين، ليتاكدوا من حصول الاجماع او الشهرة في مسألة معينة.. كما ان بعضهم يتهيب كثيرا من مخالفة المشهور بله الاجماع المحصل او المنقول ، مثلا: في باب نجاسة الشيء الذي يلاقي النجس، يقول العلامة الهمداني بعد استعراض ادلة نجاسته و تفنيدها يقول: فمخالفتهم( العلماء) في هذه المسألة اهون، ولكن منعتنا من ذلك وحشة الانفراد، و كثرة عثرات المستبدين بارائهم، ولنعم ما قيل.. ان مخالفة المشهور مشكل، وموافقتهم من غير دليل اشكل.
    اما المحقق الميرزا القمي فقال: بل لا يتم مسألة من المسائل الفقهية من الكتاب و السنة، الا بانضمام الاجماع اليه بسيطا او مركبا.
    فانظر اليهم ( الفقهاء) يستدلون على نجاسة ابوال ما لايؤكل لحمه مطلقا، بقوله (في الحديث) اغسل ثوبك من ابوال ما لايؤكل لمحمه مطلقا مع ان ذلك ليس مدلولا مطابقيا للفظ ولا تضمينيا ولا التزاميا، اذوجوب الغسل اعم من النجاسة، و السوب غير البدن، وغيره من الملاقيات الماكولة و المشروبة و غيرهما. و كذلك البول غير الروث، الى غير ذلك من المخالفات، (فليس فهم نجاسة هذه الابوال و الارواث من هذا الحديث الا بانضمام الاجماع) ثم يمضي قدما في ضرب الامثلة في باب النجاسة، مدعيا ان فهم نجاسة الماء القليل لم يتم الابفهم الاصحاب للروايات ، ثم يقول: وليت شعري من ينكر حجية الاجماع، او امكان وقوعه، او العلم به ، باي شيء يعتمد في هذه المسائل.
    و كثيرا ما نجد العلامة النجفي ( مؤلف موسوعة جواهر الاحكام في الفقه ) يستخدم هذه العبارة عند استدلاله على مسألة فقهية.. للاجماع و هو الحجة، وقد يكون الفرع غير مبتلى به كثيرا(مثل المستحاضة المتوسطة). وقد يعترض على مبنى فقهي بهذه الكلمة.. انه يستلزم منه فقه جديد.
    لذلك نقل عن العلامة المجلسي( مؤلف موسوعة بحار الاوار) قوله: انهم (الفقهاء ) لما رجعوا الى الفقه كأنهم نسوا ما ذكروه في الاصول. ثم قال: فيغلب على الظن ان مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الاصول. و يبدو لي ان الفقهاء كانوا في دراستهم حول الاجماع- يوازنون بين امرين: 1/ بين الدقه المنطقية الصارمة التي فرضت عليه تعريض الاجماع لنقد حازم انتهى الى دليل لايكاد ينهض باثبات شيء.
    2/ و بين الضرورة الفقهية، حيث لم يجدوا في الادلة الشرعية ما يكفي لتغطية كل الاحكام، مما سمحوا لانفسهم بالاحتجاج به عمليا. على انهم لم يكونوا يعتمدون عليه وحده في المسائل، و انما كانوا يضيفون اليه سائر المرجحات مثل الاخبار الضعيفة السند، او المتعارضة، او ما يستظهر من الكتاب و السنة، مما يحتاج الى تاييد السلف الصالح، او الاصول الفقهية العامة، او ما اشبه و قد نستطيع القول ان علم الفقه اكثر نضجا و تقدما من علم الاصول الناشيء نسبيا، فلا يمكن اخضاع الفقه كليا لمباني الأصول، ولذلك تجد الفقهاء في الفقه اقرب الى حقائق الدين منهم في الاصول التي شربت بالمنطق الارسطي الدخيل ، وربما بافكار فلسفية غير منسجمة مع منهج القرآن.
    بحـــوث في حجية الاجمـــاع:
    بعد ان طفنا بآراء الفقهاء في الاجماع ينبغي ان نستعرض طائفة من الحقائق التي يجب تكميل بعضها ببعض حتى تتوضح الصورة في حجية الاجماع وهي:
    اولا: الانسان يميل نفسيا نحو الاهتمام بآراء الآخرين، و محاولة التكيف معهم مما يسمى بـ ( حس التوافق الاجتماعي) وهذا الميل النفسي نقطة سلبية في مناهج البحث يجب الحذر منه عند البحث، و الآيات القرانية حذرت منه حيث قال ربنا سبحانه:
    ( وان تطع اكثرمن في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يبتعون الا الظن وان هم الا يخرصون).
    وقال سبحانه: ( و كنا نخوض مع الخائضين) .
    ثانيا: الانفتاح على راي الاخرين ودراسته بوعي_ و من دون ميل او هوى- انه نقطة ايجابية والله امرنا بذلك حين قال سبحانه:
    ( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله و اولئك هم اولوا الالباب).
    ومن هنا رأي الاخرين_ افرادا او جماعات - رأي محترم، ولكنه غير ملزم.
    ثالثا: قد يكون رأي الاخرين ملزما على الانسان فيما يتصل بالحوادث الواقعة ( المتغيرات)، كما سيأتي الحديث عنه ان شاء الله.
    رابعا: لقد نزل الوحي بلغة الناس( العربية) ، و تحدثت السنة. بذات اللغة، وكانت سيرة النبي، و سيرة اهل بيته و اصحابه وحواري الأئمة، كل اولئك كان يشكل تفسيرا للوحي، و تأويلا عمليا له ، وهكذا كان هناك بعدان لآرائهم : بعد التأويل، وبعد التفسير.
    الف/ بالنسبة الى بعد الفيتاو التأويل، ( صيغة عملية قانون كلي) فانه قليل الفائدة، لظروف اخرى، لاناس اخرين، لانه يدخل في اطار التطبيق الذي يخضع للظروف الخاصة و المتغيرة.
    ولكنه الفتيا- على أي حال - تعتبرسابقة تطبيقية لا غنى لنا عنها، لانها احتمال من الاحتمالات، و تفسير من التفاسير، و منهج في فهم الفقه من المناهج، وكل ذلك ينفع المجتهد ويساهم في وعيه للأحكام كما كل سابقة حضارية، في أي حقل انساني. ألست مثلا تستفيد من تاريخ الطب ولكنك لا تسطيع بحال اعادة تطبيقه بصورة كاملة، كذلك تستفيد من تطبيق حكم عام على موضوعة خاصة في التاريخ.
    باء / اما عن بعد التفسير، فان الكلمات تتعرض للتغيير في ابعاد دلالتها، و معاريض معانيها، و هذا الحشد الكبير من كلمات القران و كلمات الحديث تعرضت خلال 14 قرنا لكثير من التطورات الدلالية، سواء في الكلمات المفردة ، اوفي تركيبات الجمل، او في الاستعارات و المجازات و ما اشبه. ولان علينا ان نكتشف المعاني التي نزلت بها في ظروف الخطاب وليس اليوم، ( بالرغم من ان جوهر المعاني لم يتغير).
    فقد وجب احترام راي ذلك الجيل الذي خوطب مباشرة بالقران و ابعاد فهمه للخطاب القراني، وهكذا للاحاديث التي كانت خطابات مباشرة للاصحاب، و كانت تحف بدلالاتها الكثير من القرائن الحالية و المقالية، من كل ذلك نستفيد ان آراء الجيل الذي خوطب بالقران، و الحديث له قيمة كبيرة في فقه معاني الوحي، وفي تفسير نصوصه و هذه القيمة تزداد عند الاقرب الى مصادر الوحي.
    اضف الى ذلك ان القران صاغ امة من الناس ، و بالرغم من ان هذه الامة لم تكن الصيغة النهائية و المثلى للخطاب الالهي، ولكنها كانت الصيغة المقبولة التي يمكننا الاستفادة من منهج تطبيقها للخطاب الالهي، وصياغة القران لهم جعلتهم اقرب الى فهم الشريعة من غيرهم لانهم كانوا الاكثر تفاعلا عمليا لها.
    هذا كله يشكل بعض التبرير لحجية الاجماع ولدلالته على الاحكام الشرعية، ولكنها كما عرفت دلالة نسبية لاتنفع الا اذا اضيفت الى سائر اللامارات، و السبب ان القران الكريم خطاب الهي عام للبشرية، و انه كتاب خالد لاتبلو حقائقه، ولاتؤثر حركة الزمان في احكامه و بصائره، وقد يسره الله سبحانه للذكر وجعله للعالمين نذيرا، وتعهد حفظه عبرالاجيال المتطاولة وكل ذلك يابى من اختصاصه بجيل دون غيره، حتى في فقهه ووعي حقائقه، وكما القران الكريم كذلك السنة الشريفة فان جوامع العلم فيها لاتخص المشافهين وحدهم بل هي بصائر وهدى للبشرية جمعاء . وقد اشار فقهاءنا الى هذه الحقيقة، المرة بعد الاخرى، حين لم يعتبروا الاجماع حجة ذاتية، بل جعلوه كاشفا عن الحجة، بل اشار بعضهم الى ضرورة التماس سائر الادلة معه.
    تأمل مثلا في كلمات المحقق القمي كيف يستدل على حجية الاجماع و كيف يفسره، انه يقول: و ثالثها(ثالث الادلة على الاجماع و هو دليل يرتضيه المؤلف): انه يمكن حصول العلم برأي الامام من اجتماع جماعة من خواصه على فتوى مع عدم ظهور مخالف لهم، و كذلك يمكن العلم برأي كل رئيس بملاحظة اقوال تبعته. ثم قال: فعلى هذه الطريقة الاجماع عبارة عن اجتماع طائفة دل بنفسه (أي كان الاجماع دالا بذاته)، او مع انضمام بعض القرائن الاخر على رضا المعصوم بالحكم و يكون كاشفا عن رأيه فلايضره مخالفة بعضهم، ولا يشترط فيه وجود مجهول النسب، ولا العلم بدجميل شخص الامام فيهم، ولا قوله، ولا يتفاوت الامر بين زمان الحضور والغيبة.
    و يعلم من ذلك(التفسير للاجماع) ، انه لايشترط فيه وحدة العصر في تعريفهم للاجماع ايضا، بل يجوز انضمام اهل عصر اخر في افادة المطلوب.
    و يمضي في بيان هذا التفسير للاجماع قائلا: كل طريقة احدثها نبي تنقسم الى اقسام فبعضها مما يعم به البلوى و يحتاج اليه الناس في كل يوم، او في اغلب الاوان (والاوقات)، كنجاسة البول و الغائط ووجوب الصلوات الخمس و امثال ذلك، فذلك لكثرة تكرره و كثرة التسامح (به) و التظافر (في القول به و العمل بمحتواه) بين اهل هذا الدين و الملة ( الذين احدثهما ذلك النبي الكريم فبسبب ذلك ) يصير (هذا الامر) ضروريا يحصل العلم به لكل منهم ثم قال: فيحصل له بأن هذه الطريقة من رئيسهم و العمدة فيه ملاحظتهم متلقين ذلك بالقبول من دون منكر في ذلك.
    و بعد ان يسمي هذا النوع بالبديهيات و الضروريات، بين قسما اخر من احكام الدين لايبتلي به الا العلماء من اهله فالمعيار فيه اتفاقهم و يقول : فيحصل من الاطلاع على اتفاقهم في هذه المسألة، و تسامحهم بينهم من دون انكار من احدهم على الاخر، العلم بأنه طريقة رئيسهم ثم يقول: فكما يمكن حصول العلم بضروريات الدين من جهة تسامح و تظافر العلماء و العوام و النسوان . فيمكن حصول العلم بالنظريات( التي لايبتلي بها عموم الناس بل العلماء منهم فقط) من تسامح العلماء وتظافرهم وهذا نسميه إجماعا.
    نستفيد من هذا الاستدلال، و الذي سبقه كما من مبنى كثير من الفقهاء المتأاخرين في حجية الاجماع عدة حقائق:
    الف / لان الاجماع يكشف حكم الله فهو حجة، فالمعيار اذن كشف حكم الله بالاجماع، وليس الاجماع ذاته، فقد يكشف المشهور حكم الله في امر مبتلى به، اذا تظافرت معه ادلة اخرى، ولا يكشف اجماع محصل حكم الله، كما اذا كان الحكم غير مبتلى به كثيرا، او اذا احتملنا استناد الاجماع الى فهم لا نرتضيه لآية كريمة او نص شرعي . او حتى استناده الى منهج عام في فهم الشريعة، ولم يكن ذلك المنهج مقبولا لدينا.
    و اذا كان المعيار هو الكشف، فلابد ان ينظر كل مجتهد الى الادلة المحيطة بالحكم فيرى هل ينكشف له من الاجماع الحكم ام لا، بعيدا عن بعض الشروط المذكورة للاجماع، كما ذكر المحقق القمي في كلمته الماضية.
    بـــاء / ان الاجماع واحد من الادلة في أي فرع من فروع الاحكام، ولا يجوز ان نجعل الاجماع حاجزا دون فهم سائر الادلة، بل ننظر اليها جميعا فيما بينها الاجماع في سعينا لفهم الاحكام الشرعية.
    خامســــــا: قلنا و نؤكد: ان لآراء السابقين قيمة نسبية فلا يمكن قبولها بصفة مطلقة. و السؤال لماذا؟ لاسباب أهمها تطور الزمان ، وحاجتنا الى تطبيقات مناسبة للعصر الذي نعيشه خصوصا في المسائل الحياتية.. و للحديث حول ذلك مجال اخر.
    اما السبب الاخر، فهو ان الانسان ليس معصوما عن الخطأ، و ان البشر عليه ان يفترض ابدا انه او الاخرين قد يكون احدهما على خطأ. قال الله سبحانه: ( قل من يرزقكم من السماوات و الارض قل الله و إنا أو اياكم لعلى هدى و في ضلال مبين) .
    و سواء كان هذا الخطأ ناشئا من قصور او تقصير فانه واقع تاريخيا. ولولا ان البشر كانوا يعتقدون بامكانية خطأ من سبقهم في فهم حقائق الحياة لما تقدمت العلوم، و لبقيت تصورات جيل من الاجيال حاكمة على اذهانهم الى الابد ، ولأغلق باب الاجتهاد في الفقه، و توقفت مسيرة التطور فيه.
    و هكذا الثقة الجامحة بالسلف تعرقل حركة الاجتهاد, ولذلك تجد انه عندما يبزغ نجم عالم كبير، او تنتشر نظرية علمية حديثة ، فينبهر بهما جيل من الناس، لايلبث ان يصبحا عقبة في طريق تقدم العلم، مثل نظريات ارسطو في المنطق، و بطليموس في الهيئة، و افلاطون في الفلسفة وغيرها، حيث انها وقفت حاجزا امام تقدم البشرية علميا زهاء 16 قرنا.
    و يذكر في تاريخ فقهاء اهل البيت(ع) ان الشيخ الطوسي الذي اعطي لقب شيخ الطائفة لجلالة قدره، و عظيم مكانته العلمية، انه بهر عقول من لحق به من العلماء فلم يجرء احد منهم على مخالفته لفرط ثقتهم بعلمه، حتى بزغ نجم العلامة ابن ادريس الذي جميلرهذا الحاجز بآرائه المخالفة لآراء شيخ الطائفة.
    و هناك مثل معروف عندنا في قصة البئر، و كيف ان جل القدماء كانوا يرون انها تتنجس عند وقوع النجاسة فيها، ولاتطهر حتى تسحب منها دلاء معلومة، حسب نوع النجاسة، ولكن المتأخرين ابتداء من العلامة الحلي (ره) خالفوا المتقدمين و قالوا بان البئر ماء عاصم لانها متصلة بالمياه الجوفية فهي كالماء الكثير لاتنجس الامع التغير.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    حجية الإجماع:

    الخميس, 27 مايو 2010 01:40 مساءً

    الكاتب: أ . / أيمن بدوي السكندري


    حجية ثبوت الإجماع تابعة لطريق نقله إلينا , فإن نقل الإجماع إلينا بطريق التواتر , كان بطريق القطع واليقين , وإن نقل بطريق الشهرة والخبر المستفيض كان ثابتا بطريق الظن الراجح.

    وإما من جهة دلالة الإجماع على الحكم الذي أفادهم فإنه يدل على الحكم بطريق القطع واليقين والعلم الجازم في رأى جمهور العلماء إذا كان إجماعا صريحا , على معنى انه إذا لم يوجد دليل على حكم الحادثة لا في كتاب الله ولا في السنة , وتحقق إجماع صريح لا تجوز مخالفة من أجمع عليه المجتهدون لأنه حجة قطعية .

    وذهب الشيعة والخوارج : والنظام من المعتزلة إلى إن الإجماع ليس بحجة مستدلين:

    1-قوله تعالى ( يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) –سورة النساء
    وجه الدلالة لهم : إن الآية أمرت برد المتنازع فيه إلى الله ورسوله , لا إلى الإجماع فلايكون الإجماع حجة

    وقد رد الجمهور هذا : بأن الآية أمرت برد المتنازع فيه إلى الله ورسوله ومن المتنازع فيه الإجماع _ وعند رده إلى الله والرسول تبين أن الإجماع حجة .

    2- حديث معاذ بن جبل : فانه لم يذكر فيه الإجماع , ولو كان حجة لذكر .

    وأجيب عنه : بان حديث معاذ دلالة فيه على عدم الاعتداد بالإجماع , فانه عليه السلام قد استحسن ما كان عليه من معاذ عند ذكر الأدلة التي يجوز العمل بها في زمن الرسول , والتي تعتبر حجة في حياته عليه السلام وهما الكتاب والسنة والاجتهاد وحيث كان الإجماع لا يحتج به في حياة الرسول , لم يذكره معاذ بين الأدلة .

    3- إن الإجماع ليس إلا قول أفراد , وحيث كان قول كل فرد وحده غير موجب للعلم واليقين , لعدم عصمته من الزلل والخطأ والكذب فكذلك قول الأفراد بعد اجتماعهم لان توهم الخطاء لا يزول باتفاق والإجماع .

    ورد هذا الدليل : بأنه يثبت بالإجماع ما لم يثبت بالانفراد في المحسوسات والمشروعات على السواء



    وقد استدل الجمهور على حجية الإجماع :

    أولا : بآيات من القران الكريم :

    أورد الجمهور خمس آيات من القرآن الكريم ، تدل علي حجية الإجماع وهي :

    1) قوله تعالى (ومن يشاقق الله و رسوله من بعد ما تبين الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)-النساء/115.

    قال الآمدي : " وهي أقواها ، و بها تمسك الشافعي –رضي الله عنه – "

    و وجه الدلالة على مذهبهم :إن الله تعالى توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين بالعذاب الشديد , فكان دليل على كونه محرما , إذ لو لم يكن محرما , لما توعد عليه ولما حسن الجمع في التوعد بينهم وبين ما حرمه الله من مشاقة الرسول وعدم إتباعه , وإذا حرمه إتباع غير سبيل المؤمنين وجب إتباع سبيلهم إذ لا وساطة بينهما ويلزم من إتباع سبيلهم أن يكون الإجماع حجة.

    2) قوله تعالي (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) البقرة (143 ) . فقد دلت الآية علي أن الأمة الإسلامية متصفة بالوسطية وهي العدالة ومقتضاه أن يكون ما يجمعون عليه حقا ً لأنه إذا لم يكن حقاً كان غير حق وكذب ، والكاذب يستحق الذم ولاستحق الوصف بالعدالة .

    3) قوله تعالي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ... ) آل عمران الآية 110
    فقد أخبر سبحانه عن خيرية هذه الأمة ، وهذه ا لخيرية توجب الحقية لما أجمعوا عليه، وإلا كان ضلالا .
    وأيضا لو أجمعوا علي الخطأ لكانوا آمرين بالمنكر وناهين عن المعروف ، وهو خلاف المنصوص . والتخصيص بالصحابة لا يتناسب مع المقام الذي وردت فيه الآية ، حيث جاءت في مقابلة أمم سائر الأنبياء .


    4) قوله تعالي ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا .. ) آل عمران الآية 103كما نهي عن التفرق ، ومخالفة الإجماع تفرق ، فكان منهي عنه ولا معني لكون الإجماع حجة سوي النهي عن مخالفته .
    5) قوله تعالي ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) سورة النساء الآية 59.

    تلك أدلة الجمهور التي استدلوا بها على حجية الإجماع من الكتاب , إلا أنها مناقشة فيما يلي :

    1- إن قوله تعالى ( من يشاقق الرسول .....) الآية المراد بسبيل المؤمنين فيها طاعة الرسول والاقتداء به واقتفاء آثاره في عبادته وخلقة وجهاده فيكون المعنى من يعاد الرسول ويعمل بغير شريعته نكله في الدنيا إلى نفسه , ونعذبه بنار جهنم في الآخرة .

    2- أ ن الآية الثانية (وكذلك جعلناكم امة وسطا) قيل فيها إن وصف الأمة بالوسطية لا يقتضى عدالة الأمة في كل شيء , ذلك لان الوصف في معرض الثبوت يتحقق في صورة واحدة وحتى مع التسليم بكونهم عدولا في كل شيء
    فذلك لا يقتضى كونهم محقين في الإجماع .

    3- أن الآية الثالثة ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) الألف واللام فيها لا تفيد العموم ، وبناء علي ذلك لا تكون الآية عامة في الأمر بكل معروف ، ولا في النهي عن كل منكر .

    4- الآية الرابعة من المناقشات التي أثاروها قولهم : لا نسلم وجود صيغة النهي ، وإن سامنا ، ولكن لا نسلم أن النهي يدل علي التحريم ، ولو سلمنا دلالة النهي علي التحريم ولكن لا نسلم عموم النهي عن التفرق في كل شيء ، بل التفرق في الاعتصام بحبل الله , ولم يعلم أن ما أجمع عليه أهل العصر اعتصام بحبل الله ، فلا يكون التفرق منهيا عنه .

    5- الآية الخامسة ؛ وقد ناقش المخالفون للجمهور الاستدلال بهذه الآية بمناقشات طويلة منها : أن سقوط وجوب الرد إلي الكتاب و السنة كافيان في الحكم ، ولا حاجة إلي الإجماع ، وإن كان الثاني ، ففيه تجويز وقوع الإجماع من غير دليل وهو محال .
    وقد أجاب العلماء علي كل المناقشات التي وجهت إلي هذه الآيات



    ثانياً :الاستدلال علي حجية الإجماع من السنة :

    وردت مجموعة من الأحاديث عن النبي –صلي الله عليه وسلم - تدل علي عصمة الأمة عن الخطأ .

    • منها قول الرسول – صلي الله عليه وسلم – عن ابن عمر " لا تجتمع هذه الأمة علي ضلالة أبدا " .

    • " لا تجتمع أمتي علي الخطأ "

    • وعن أنس " لا تجتمع هذه الأمة علي ضلالة ، فإن رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم ، الحق وأهله " .

    • وعن ابن عمر " إن الله لا يجمع أمتي – أو قال أمة محمد – علي ضلالة ، ويد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ في النار " .

    • وعن أبي ذر " عليكم بالجماعة ، إن الله –تعالي – لا يجمع أمتي إلا علي هدي "

    • وعن ثوبان " " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق ، لا يضرهم من خذلهم حتي يأتي أمر الله وهم كذلك " وفي رواية جابر بن عبد الله : " إلي يوم القيامة " وفي حديث جابر بن سمرة : " حتي تقوم الساعة " . .

    فهذه الأحاديث وإن كانت أخبار آحاد إلا أن القدر المشترك بينها وهو عصمة الأمة عن الخطأ متواتر لوجود ه في الأحاديث ، فهي وإن اختلفت ألفاظها إلا أنها متحدة في المعني ، فتكون متواترة في المعني ، والتواتر المعنوي يفيد القطع كاللفظي وهذا الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة والتابعين

    وتلقتها الأمة بالقبول حتى يومنا هذا ،و لم يردها أحد من أهل النقل .

    يقول الآمدي في الإحكام : " وأما السنة وهي أقرب الطرق في إثبات كون الإجماع حجة قاطعة ،فمن ذلك ما رواه أجلاء الصحابة ، كعمر وابن مسعود وأبي سعيد الخضري وأنس بن مالك وابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم بروايات مختلفة الألفاظ متفقة المعني في الدلالة علي عصمة هذه الأمة عن الخطأ والضلالة .

    و قد عول الإمام الشافعي –رضي الله عنه – في الرسالة علي حديث ابن مسعود في حجية الإجماع .
    عن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبي قال : نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه . ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " .
    ثم قال الإمام الشافعي " وأمر رسول الله بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في أن إجماع المسلمين –إن شاء الله – لازم .

    وقد نوقشت هذه الأدلة بالآتي :

    إن الأحاديث إلى تمسك بها الجمهور أخبار آحاد لا تفيد القطع ـــ وإذا سلم كونها متواترة في المعنى يكون المراد ينفى الضلالة والخطأ عن الأمة عصمتها من الاتفاق على الكفر أو عصمتها من الخطأ فيما يوافق الأدلة القطعية أو يكون المراد هو التحذير من الخطأ ,والنهى عن الوقوع في الخطأ ,وعن مفارقة الجماعة إذا نزل بها نازلة من النوازل أو كارثة من الكوارث, أو أغار على أرضها مغير أو اعتدى عليها معتدى
    كما قالوا إنه لا دليل على صرف الأحاديث عن ظاهرها وإرادة الإجماع وذلك لأنها لم تسق في معرض أدلة الأحكام وأصولها,وأيضا قالوا:إنها معارضة بما ورد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـمن أحاديث تجوز الخطأ على هذه الأمة مثل قوله "إنا الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا يبق عالما,اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

    ثالثاً : المعقول :

    وهو أن العادة تمنع بل تحيل أن يجتمع كل المجتهدين في عصر من العصور علي حكم ويقطعوا به علي سبيل الجزم ، ويكون لهم من كتاب الله أو سنة نبيه مستند يستندون إليه في إجماعهم , كما إن العادة تحيل إن يكونوا مخطئين في إجماعهم عن غير إن يتنبه إلى الخطأ واحد منهم فعلى هذا يكون ما يتفق عليه المجتهدون صوابا معتمدا على دليل مقتديا وجوب العمل به .

    وقد نوقش هذا الدليل

    بأن المعقول قد قيل فيه:إن مستند الإجماع الذي هو الدليل الذي يعتمد عليه المجموعين لابد أن يكون كتابا أو سنة, فان كان المستند من الكتاب كان الدليل المثبت للحكم هو الكتاب , وان كان المستند من السنة كان الدليل المثبت للحكم هو السنة لا الإجماع .

    وعلي تسليم أن الثبوت بالإجماع فغاية ما يدل عليه أن ما أجمعوا عليه يكون صواباً وذلك لا يوجب المتابعة ، فإن مستند الإجماع في محل النظر والاجتهاد ، وكل مجتهد يجب عليه أن يعمل بما أداه إليه اجتهاده ولا يجب علي غيره إتباعه ، وعلي هذا يجب علي بعض المجتهدين إذا أجمعوا علي حكم أن يعملوا بما أجمعوا عليه ولا يجب علي غيرهم إتباعهم ، ويصح لمن يأتي بعدهم أن يجتهد فيما اجتهدوا فيه

    تلك أدلة الرأيين المنقولين : في حجية الإجماع الصريح ، إذا ما عرضناها علي طاولة البحث نري أنها لم تخل من المناقشة والرد والاحتمال وأنها غير مقنعة تمام الإقناع وحتى نصل إلي الحق ننظر للموضوع نظرة تاريخية لنري كيف تطور مفهم الإجماع .

    لقد ورد عن النبي –صلي الله عليه وسلم – بصدد بيان الأدلة أمران :

    أولهما : حديث معاذ بن جبل ، الذي خلا عن ذكر الإجماع بل احتوي علي العمل بكتاب الله وسنة نبيه والاجتهاد الفردي .

    ثانيهما : أنه عليه الصلاة والسلام كان يستشير أصحابه في المصالح الدنيوية تطبيقا لقوله تعالي ( وشاورهم في الأمر ) أما الأمور الدينية فلم يثبت عنه –صلي الله عليه وسلم – أنه استشار فيها ، لأنها كانت تعتمد علي الوحي الذي هو مصدرها ، وليست محلا للاجتهاد ، فلا إجماع فيها .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المطلب الثاني: تحذير المسلمين من خطر منكري حجية إجماع علماء الدين .
    إن هدف منكري الإجماع يتضح في أمرين:
    الهدف الأول:
    هو الهروب من قول العلماء: (أجمع علماء المسلمين على تحريم كذا وكذا ).
    فإنهم حين يحاولون تحريف معنى النصوص الشرعية الدالة على التحريم؛ فإنهم يجدون أهل العلم يتصدون لهم بهذه العبارة: (أجمع علماء المسلمين على تحريم كذا وكذا).
    أو: (أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم على تحريم كذا)
    أو: (أجمع أهل العلم على أن معنى هذه الآية – أو الحديث - هو كذا).

    فلم يجدوا مَفَرّا إلا بِهَدْمِ هذا السيف المُسَلَّط على رقابهم؛ إنه سيف " الإجماع ".

    فإذا انهدم هذا الأصل الخطير العظيم: انطلقوا بعد ذلك في تحريف معاني الآيات والأحاديث الدالة على التحريم, فيزعمون أن معناها مُحتمل, وعند الاحتمال يسقط الاستدلال – بزعمهم -, وبذلك لا يتبقى أمامهم إلا أن الأصل في الأشياء هو الإباحة .
    وهنيئا لهم بالإباحة !!
    الهدف الثاني:
    الهروب من قول العلماء: (أجمع أهل العلم على أن معنى الآية – أو الحديث - هو كذا).
    فإنهم يُواجَهون بهذا القول كلما حاولوا تحريف الآيات – أو الأحاديث - التي تُقرر أصول العقيدة الصحيحة .
    فكان لابد أَوَّلًا لأهل الأهواء والبدع مِنْ هَدْمَ هذا الأصل (الإجماع), ثم يخلو لهم – بعد ذلك - الطريق لتحريف معنى النصوص الشرعية بما يتفق مع أهوائهم وبدْعَتِهم التي يريدون زرعها في قلوب المسلمين.

    @@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

    المطلب الثالث: بيان الأدلة القطعية على حجية الإجماع:

    العالِمُ المجتهد الذي يقوم باستقراء وتَتَبُّع أقوال علماء الأمة من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم في حكم مسألة ما؛ إذا وَجَدَ عامَّتهم قد تتابعوا – مع تطاول الزمان - على النطق بنفس الحكم الشرعي؛ على الرغم من اختلاف بلادهم وأماكنهم؛ بحيث لا يُعْلَم أحدٌ يُخالفهم في ذلك – مع تطاول الزمان -؛ فإن هذا التتابع – مع عدم العثور على مخالف لهم مع شدة البحث والاجتهاد فيه – تكون نتيجته القطعية هي أن يستقر في النفس والعقل اتفاقُ كل علماء الأمة المجتهدين - في زَمَنِهِم - على هذا الحكم الشرعي .
    وفي عصرنا الآن وُجد فريقان:
    الفريق الأول:
    سَلَّمَ بما سَلَّمَ به عامَّةُ علماء الأمة - على مَرِّ الزَّمَان - من حجية هذا الإجماع وتحريم مخالفته .
    الفريق الثاني:
    غلبه شيطانه, فخالف سبيل علماء الأمة, واتبع سبيل الضالين – كالنَّظَّام الزنديق وفرقة الرافضة الضالة – فَشَكَّكَ في حجية هذا الإجماع, وأَبَاحَ مخالفته .
    @@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

    حوار هاديء مع منكري حجية الإجماع:
    في الحالة التي وصفناها: أنتم تُنكرون أن يكون هذا هو إجماع كل علماء الأمة.
    فما رأيكم في أن نسميه بـ (إجماع كل علماء الأمة الذين عُرِفَ قولهم في المسألة)؟
    فأنتم حتما تعترفون بأن هذا هو إجماع كل علماء الأمة الذين عُرِفَ قولهم في المسألة.
    ولا تستطيعون إنكار ذلك؛ لأنكم ستعجزون – قطعا – عن الإتيان بواحد مُخالف لهم.
    حسنا؛ نحن الآن نتفق على ذلك .
    والآن سنقيم عليكم – بعون الله تعالى – الأدلة القطعية الصحيحة الصريحة التي تدل أن هذا الحكم الذي نطقوا به - هو الحق الذي يرضاه الله تعالى قطعا, وأن ما سواه هو الباطل الذي ليس من شرع الله قطعًا .
    وبعد أن نُثْبِت أنَّ (( إجماع كل العلماء الذين عُرف قولهم )) هو حجة قطعية = لن يكون أمامكم مَفَرٌّ من التسليم بتحريم مخالفة هذا الحكم الشرعي الذي اتفقوا عليه .
    وإليكم:
    الأدلة القطعية على حجية الإجماع:
    الإجماع طائر له جناحان (أو قاعدتان), يَقُوم بهما :
    الجناح الأول: أنه يستحيل أن يخلو عصر من ناطق بالحق .
    الجناح الثاني: ضمان الله تعالى حفظ أقوال أهل العلم التي بها يُحفظ الدين . وإليكم التفصيل:

    تقرير القاعدة الأولى:
    يستحيل أن يخلو عصر من ناطق بالحق .
    1 – أمرنا الله تعالى بالنهي عن كل منكر , فقال تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) . آل عمران (آية 104)
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:
    اقتباس:
    (والمقصود من هذه الآية أن تكون فرْقَة من الأمَّة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ".. وقال الإمام أحمد: .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ". ورواه الترمذي..وقال الترمذي: حسن . والأحاديث في هذا الباب كثيرة مع الآيات الكريمة). انتهى

    وقال الإمام أبو الخطاب الكلوذاني في كتابه " التمهيد في أصول الفقه ":
    اقتباس:
    (قوله: (( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )) يقتضي كونهم كذلك في كل حال؛ لأنهم لو أمروا ببعض المعروف ونهوا عن بعض المنكر في حال دون حال؛ لَمَا كانوا خير أمة أُخرجت للناس, لأن الأمم السالفة أُمِرُوا بكثير من المعروف ونُهُوا عن كثير من المنكر في حال دون حال؛ ولهذا أمروا بالتوحيد والعدل واتباع الأنبياء, ونهوا عن الإلحاد وتكذيب الأنبياء , فَثَبَتَ أن الآية تريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كله في جميع الحالات) . انتهى

    وقال الإمام ابن تيمية :
    اقتباس:
    (هذا وَصْفٌ لهم بأنهم يأمرون بكل معروف , وينهون عن كل منكر). انتهى

    وقال الإمام ابن تيمية أيضا:
    اقتباس:
    (إجماع هذه الأمة حجة؛ لأن الله تعالى أخبر أنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر, فلو اتفقوا على إباحة محرم أو إسقاط واجب أو تحريم حلال أو إخبار عن الله تعالى أو خَلْقِهِ بباطل؛ لكانوا متصفين بالأمر بمنكر والنهى عن معروف من الكلم الطيب والعمل الصالح, بل الآية تقتضى أن ما لم تأمر به الأمة فليس من المعروف, وما لَمْ تَنْه عنه فليس من المنكر, وإذا كانت آمرةً بكل معروف, ناهيةً عن كل منكر, فكيف يجوز أن تأمر كلُّها بمنكر أو تنهى كلُّها عن معروف؟). انتهى

    وقال العلامة علاء الدين البخاري في (كشف الأسرار) في أصول الفقه:
    اقتباس:
    (وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ خَيْرِيَّتِهِمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَرِ , وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي اسْمِ الْجِنْسِ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ؛ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِكُلِّ مَعْرُوفٍ وَنَهَوْا عَنْ كُلِّ مُنْكِرٍ, فَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى خَطَإٍ قَوْلًا؛ لَكَانُوا أَجْمَعُوا عَلَى مُنْكَرٍ قَوْلًا؛ فَكَانُوا آمِرِينَ بِالْمُنْكَرِ نَاهِينَ عَن الْمَعْرُوفِ , وهُوَ يُنَاقِضُ مَدْلُولَ الْآيَةِ). انتهى

    وقال الإمام القرافي في كتابه " شرح تنقيح الفصول ":
    اقتباس:
    (ذَكَرَهُم في سياق المدح .. لأنه تعالى وصفهم بأنهم يأمرون بالمعروف, والألفُ واللام للعموم, فيأمرون بكل معروف؛ فلا يفوتهم حق لأنه من جملة المعروف, ولقوله تعالى : " وينهون عن المنكر ", والمنكر باللام يفيد أنهم ينهون عن كل منكر فلا يقع الخطأ بينهم ويوافقوا عليه لأنه منكر . والعمدة الكبرى: أن كل نص من هذه النصوص مضموم للاستقراء التام من نصوص القرآن والسنة وأحوال الصحابة , وذلك يفيد القطع عند المطلع عليه, وأن هذه الأمة معصومة من الخطأ, وأن الحق لا يفوتها فيما بَيَّنَتْه شرعًا, فالحقُّ واجب الإتباع, فقولهم واجب الإتباع) انتهى

    وروى الإمام أحمد وغيره – بإسناد صحيح – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    اقتباس:
    (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يَعُمَّهُم الله بعقابه).

    2 – وقد قامت جماعات من الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لذلك وصفهم الله تعالى بأنها خير أمة, فقال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ). آل عمران (آية :110).
    قال الإمام الطبري في تفسيره : اقتباس:
    (وأما قوله : ((تأمرون بالمعروف))، فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله والعملِ بشرائعه .((وتنهون عن المنكر))، يعني: وتنهون عن الشرك بالله وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه) .

    ثم قال الإمام الطبري:
    اقتباس:
    (وأصل"المعروف" كل ما كان معروفًا فعله، جميلا مستحسنًا، غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله"معروفًا"، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله . وأصل"المنكر"، ما أنكره الله، ورأوه قبيحًا فِعْلهُ، ولذلك سميت معصية الله"منكرًا"، لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون رُكوبها). انتهى

    وقال الإمام ابن كثير في تفسيره :
    اقتباس:
    (يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم .. والصحيح أن هذه الآية عامةٌ في جميع الأمة، كل قَرْن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يَلونهم، ثم الذين يلونهم). انتهى

    3 – وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن القيام بهذا الواجب لا ينقطع من الوجود أبًدا, فلا بد حتمًا من استمرار وجود طائفة من الأمة ظاهرة قائمة بأمر الله وبشرائعه. ولابد أن يستمر أَمْرُ هذه الأمة مستقيمًا .
    فقد روى الإمامان البخاري ومسلم (رقم1920) – واللفظ لمسلم – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك).
    ورواه الإمام مسلم أيضا (برقم1037) بلفظ: ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس).
    وروى الإمام البخاري أيضا (برقم71) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يُرِد الله به خيرا يفقهه في الدين, وإنما أنا قاسم, ويعطي الله, ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة, أو حتى يأتي أمر الله).
    والمقصود بالطائفة الظاهرة على الحق : العلماء .
    قال عنهم الإمام البخاري في صحيحه:
    اقتباس:
    (هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ). انتهى

    وقال الإمام النووي:
    اقتباس:
    (وجملة العلماء أو جمهورهم على أنهم حملة العلم). انتهى

    قلتُ : فلفظ (لا يزال) صريح في استمرار وجود من يقوم بالحق ويظهر به, وصريح في استمرار استقامة حال هذه الأمة, وهذا صريح في أنه يستحيل أن يخلو عصر من الأعصار من ناطق بالحق, فلابد في كل عصر مِنْ ظهورِ مَنْ ينطق بالحق في كل مسألة من مسائل الشرع .
    وبيان ذلك: أنه إذا قال بعض العلماء في مسألة ما: إن حكمها الإباحة, وكان الحق عند الله تعالى هو التحريم, فحينئذ يكون قولهم هذا منكرا؛ لأن فيه تحليل ما حرمه الله تعالى .
    فيستحيل حينئذ خلو عصرهم ممن يُنكر عليهم قولَهم هذا, ويبين الحكم الشرعي الذي يرضاه الله تعالى ؛ إذْ إنه لو خلا العصر من ناطق بالحق في هذه المسألة , فلن يكون أمر الأمة مستقيمًا في هذه المسألة؛ وذلك لأن الأمة انقسمت فيها قسمين: ناطق بالمنكر, وساكت عن المنكر, فإباحة المحرم تُعد من أكبر المنكرات . وسيكون العصر – حينئذ - قد خلا ممن يُنكر هذا المنكر, وهذا مستحيل؛ لأن الله تعالى قد أخبر- وخَبَرُهُ صِدْقٌ - بأن هذه الأمة – حتما – تنهى عن المنكر .
    قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي
    اقتباس:
    (هذا يؤدي إلى خلو الوقت عن قائم لله – تعالى- في الأرض بحجته .., وإذا أخطأ الواحد وسكت الباقون وتركوا الاجتهاد؛ فَقَدْ فُُقِدَ ههنا القائم لله بحجته, وذلك لا يجوز) ا.ﻫ

    وقال أبو الوليد الباجي في كتابه "إحكام الفصول " في أصول الفقه:
    اقتباس:
    (هذه أخبار كلها متواترة على المعنى, وإنَّ كل عصر من الأعصار التي توجد فيها أُمَّته , لا يخلو مِنْ قائم فيها بالحق). انتهى

    وقال الإمام ابن حزم :
    اقتباس:
    (إذا كان في المسأله أقوال متعددة محصورة فبطلت كلها إلا واحدا؛ فذلك الواحد هو الحق بيقين لأنه لم يبق غيره, والحق لا يخرج عن أقوال جميع الأمة؛ لِمَا ذكرنا من عصمه الإجماع). انتهى

    وقال الإمام ابن حزم أيضا:
    اقتباس:
    (ضمانُ الله تعالى حفظ الذكر النازل مِنْ عنده الذي أوحاه الى نبيه صلى الله عليه وسلم ومع ضمانه تعالى أنه لم يَضِعْ من الدين شيءٌ أصلًا ولا يضيع أبدًا ولا بد أن يكون مع كل عصر من العلماء من يضبط ما خَفِيَ عن غيره منهم, ويضبط غيره أيضا ما خَفِيَ عنه فيبقى الدين محفوظًا إلى يوم القيامة ولا بد وبالله تعالى التوفيق). انتهى

    وقال الإمام ابن الجوزي:
    اقتباس:
    (فأنشأ الله عز وجل علماء يذبون عن النقل، ويوضحون الصحيح ويفضحون القبيح، وما يُخلى الله عز وجل منهم عصرًا من العصور). انتهى

    وقال الإمام ابن قدامة في كتابه " روضة الناظر " في أصول الفقه:
    اقتباس:
    (لا يخلو الإنسان من خطأ ومعصية , والخطأ موجود من جميع الأمة , وليس مُحَالا , إنما المُحَال: الخطأ بحيث يضيع الحق حتى لا تقوم به طائفة). انتهى

    وقال الإمام الزركشي في كتابه " البحر المحيط في أصول الفقه ":
    اقتباس:
    (أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى الْخَطَأِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ). انتهى

    فإذا اتفق جميع علماء العصر على قول واحد في مسألة من مسائل الشرع - عَلِمْنَا قطعًا أن هذا القول هو الحق الذي يرضاه الله تعالى . لذلك كان اتفاقهم وإجماعهم هذا حجة قطعية , يَحْرُمُ مخالفتُها .
    وفي ذلك يقول الإمام النووي في شرح حديث الإمام مسلم:
    اقتباس:
    (وفى هذا الحديث معجزة ظاهرة؛ فإنَّ هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبى صلى الله عليه وسلم إلى الآن, ولا يزال حتى يأتى أمر الله المذكور فى الحديث . وفيه دليلٌ لكون الإجماع حجةً, وهو أصح ما اسْتُدِلَّ به له من الحديث). انتهى

    ونختم هذا الجزء بكلام نفيس يكتب بماء الذهب , إنه كلام العلامة الإمام ابن القيم , حيث قال في كتابه " إعلام الموقعين عن رب العالمين " :
    اقتباس:
    (قَوْله تَعَالَى { : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ } شَهِدَ لَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ ، فَلَوْ كَانَتْ الْحَادِثَةُ فِي زَمَانِهِمْ لَمْ يُفْتِ فِيهَا إلَّا مَنْ أَخْطَأَ مِنْهُمْ , لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَدْ أَمَرَ فِيهَا بِمَعْرُوفٍ وَلَا نَهَى فِيهَا عَنْ مُنْكَرٍ ؛ إذْ الصَّوَابُ مَعْرُوفٌ بِلَا شَ
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 453
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009
    العمر : 40
    الموقع : http://www.wtswebservice.com

    تعريف الإجماع وتحليله وأنواعه Empty انواع الاجماع الصريح

    مُساهمة  Admin الأربعاء 27 أبريل 2011 - 11:28

    انواع الاجماع الصريح

    ويظهر جليا من فعل الحافظ - رحمه الله - أنه قد أراددفع التوهمات التي قد يستند إليها المبتدعة من مقولته السابقة، فحكى الإجماع بماعليه أهل السنة والجماعة. وهذا الإجماع يشتمل على الآتى :

    1- (( أهل السنةمجموعون عَلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي الْقُرْآنِوَالسُّنَّةِ. ))

    2- (( وَالْإِيمَانِ بِهَا. ))
    3- (( وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ. ))
    4- (( إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ))
    5- (( وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً. ))
    هذه خمسة أشياء شملها الإجماع المتقدم. ثم تحدث رحمه الله عما عليه أهل البدع.
    (( وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُكُلُّهَا وَالْخَوَارِجُ فَكُلُّهُمْ يُنْكِرُهَا وَلَا يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَاعَلَى الْحَقِيقَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ وَهُمْعِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا نَافُونَ لِلْمَعْبُودِ وَالْحَقُّ فِيمَا قَالَهُالْقَائِلُونَ بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَهُمْ أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ))
    وأما الكيف.. فغير معلوم، إذ أنالله -سبحانه وتعالى- : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وعدم العلم لا يفيد العدم.. وإنما يفيد الجهل. لذا يمكن القول: (الكيف مجهول)وهو أمر معلوم لدينا بالشرع والإجماع والعقل.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    أنواع الإجماع السكوتى

    اسم الباحث الطالب/ محمد اقبال مسعود النروي
    الجامعة جامعة أم القري
    الكلية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
    اسم المشرف الدكتور/ حسن أحمد مرعى


    النتائج التي وصات إليها في ضوء البحث أذكرها في آخر الرسالة .
    1- الإجماع ثابت بالكتاب والسنة .
    2- الاجماع له أهميته وميزته أنه يمثل عصمة الامة ودورها في التشريع .
    3- الاجماع هو ما أجمع عليه علماء هذه الأمة من أهل الحل والعقد .
    4- وتطلق كلمة الأمة علي المجتهدين من الغرفة الناجية لأنهم يمثلون الأمة في مجال التشريع . فالاجماع يكون آصالة من المجتهدين ويكون للأمة تبعا لهم .
    5- ولقد حصل الاجماع علي مسائل كثيرة فقهية وغير فقهية.
    6- ومن الاجماع اجماع صريح وسكوتي .
    7- والسكوتي ، وردله عدة تعريفات وهو بين القبول والرد عند الأصوليين .
    8- وإذا اثبت ان السكوتي يطلق علي المجرد من قرائن الرضا والسخط وكذلك يطلق علي المقترن بدلائل الرضا ، فالثاني مقبول بلاخلاف .
    والخلاف في قبول السكوتي المجرد ، جميلحت قبوله كما عند الكثير من العلماء ولكن بشروط وقيود .
    9- ولا يختص القول السكوتي بالمذهب الحنفي – كما اشتهر عنهم – بل قال به علماء من المذاهب الأربعة ، وعامتهم يقبلونه بشروط تؤكد انتشار القول ومصاحبة السكوت دليل الرضا ظاهرا .
    10- ويرد علي السكوتي احتمال وشبهة بسبب الاحتمالات الواردة علي السكوت فينزل درجة من القطع ، ويبقي ظنيا في حجيته ولكنه يطلق عليه لفظ " الإجماع " لوجود نوع من الاتفاق .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    حجية إجماع أهل المدينة

    قال الشوكاني في إرشاد الفحول :
    البحث الثامن : في حجية إجماع أهل المدينة إجماع أهل المدينة على انفرادهم ليس بحجة عند الجمهور ; لأنهم بعض الأمة .
    وقال مالك إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم .
    قال الشافعي في كتاب اختلاف الحديث : قال بعض أصحابنا : إنه حجة ، وما سمعت أحدا ذكر قوله إلا عابه ، وإن ذلك عندي معيب .
    وقال الجرجاني : إنما أراد مالك الفقهاء السبعة وحدهم ، والمشهور عنه الأول .
    ويشكل على ما روي عن مالك من حجية إجماع أهل المدينة أنه نقل في الموطأ في باب العيب في الرقيق ، إجماع أهل المدينة ، على أن البيع بشرط البراءة لا يجوز ، ولا يبرئ من العيب أصلا علمه أو جهله ، ثم خالفهم فلو كان يرى أن إجماعهم حجة لم تسع مخالفته .
    وقال الباجي : إنما أراد ذلك بحجية إجماع أهل المدينة ، فيما كان طريقه النقل المستفيض ، كالصاع ، والمد ، والأذان ، والإقامة ، وعدم وجوب الزكاة في الخضروات ، مما تقتضي العادة بأن يكون في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه لو تغير عما كان عليه لعلم ، فأما مسائل الاجتهاد فهم وغيرهم سواء ، وحكاه القاضي في التقريب عن شيخه الأبهري ، وقيل : يرجح نقلهم عن نقل غيرهم .

    وقد أشار الشافعي إلى هذا في القديم ، ورجح رواية أهل المدينة على غيرهم ، وحكى يونس بن عبد الأعلى قال : قال الشافعي : إذا وجدت متقدمي أهل المدينة على شيء ، فلا يدخل في قلبك شك أنه الحق ، وكلما جاءك شيء غير ذلك فلا تلتفت إليه ، ولا تعبأ به .

    وقال القاضي عبد الوهاب : إجماع أهل المدينة على ضربين ، نقلي واستدلالي ، فالأول على ثلاثة أضرب ، منه نقل شرع مبتدأ من جهة النبي صلى الله عليه وسلم ، من قول ، أو فعل ، أو إقرار .

    فالأول : كنقلهم الصاع والمد والأذان والإقامة والأوقات والأجناس ونحوهن .

    والثاني : نقلهم المتصل كعهدة الرقيق ، وغير ذلك .

    والثالث : كتركهم أخذ الزكاة من الخضروات ، مع أنها كانت تزرع بالمدينة ، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء بعده لا يأخذونها منها ، قال : وهذا النوع من إجماعهم حجة يلزم عندنا المصير إليه ، وترك الأخبار والمقاييس به ، لا اختلاف بين أصحابنا فيه .

    قال : والثاني وهو إجماعهم من طريق الاستدلال فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :

    أحدها : أنه ليس بإجماع ولا بمرجح ، وهو قول أبي بكر وأبي يعقوب الرازي والقاضي أبي بكر وابن فورك والطيالسي وأبي الجميل والأبهري ، وأنكر كونه مذهبا لمالك .

    ثانيها : أنه مرجح ، وبه قال بعض أصحاب الشافعي .

    ثالثها : أنه حجة وإن لم يحرم خلافه ، وإليه ذهب قاضي القضاة أبو الحسين بن عمر . قال أبو العباس القرطبي : أما الضرب الأول فينبغي أن لا يختلف فيه ; لأنه من باب النقل المتواتر ، ولا فرق بين القول والفعل والإقرار ، كل ذلك نقل محصل للعلم القطعي ، فإنهم عدد كثير وجم غفير تحيل العادة عليهم التواطؤ على خلاف الصدق ، ولا شك أن ما كان هذا سبيله أولى من أخبار الآحاد والأقيسة والظواهر .

    ثم قال : والنوع الاستدلالي إن عارضه خبر فالخبر أولى عند جمهور أصحابنا ، وقد صار جماعة من أصحابنا إلى أنه أولى من الخبر ، بناء منهم على أنه إجماع ، وليس بصحيح ; لأن المشهود له بالعصمة إجماع كل الأمة لا بعضها .اهــ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    هل إجماع أهل البيت حجة


    السؤال:




    كثر الكلام عن موافقتكم للشيعة في القول بأن إجماع أهل البيت

    حجة، فما الجواب؟






    الجواب:
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فهذه المسألة خلافية عند أهل العلم، والقول بأن إجماع أهل البيت
    حجة قول طائفة من أهل السنة، وكونه قول الشيعة لا يعني

    بطلانه بذلك، بل لابد من البحث عن الدليل.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى
    ج28 ص493: وقد تنازع العلماء من أصحاب الإمام أحمد

    وغيرهم في إجماع الخلفاء، وفي إجماع العترة: هل هو حجة

    يجب اتباعها؟


    والصحيح أن كليهما حجة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

    (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا

    بِالنَّوَاجِذِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وهذا حديث صحيح في

    السنن، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ

    تَمَسَّكْتُمْ بِهِ، لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللهِ،

    حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ

    يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا)

    (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وفيه نظر، وكذلك إجماع أهل المدينة النبوية

    في زمن الخلفاء الراشدين هو بهذه المنزلة.

    وكفى بهذا النقل وترجيح شيخ الإسلام له في الرد على من جهل
    مذاهب أهل العلم، ومواطن الاختلاف والاتفاق.

    هل إجماع أهل البيت حجة

    السؤال:
    كثر الكلام عن موافقتكم للشيعة في القول بأن إجماع أهل البيت حجة، فما الجواب؟
    الجواب:
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فهذه المسألة خلافية عند أهل العلم، والقول بأن إجماع أهل البيت حجة قول طائفة من أهل السنة، وكونه قول الشيعة لا يعني بطلانه بذلك، بل لابد من البحث عن الدليل.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى
    ج28 ص493: وقد تنازع العلماء من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم في إجماع الخلفاء، وفي إجماع العترة: هل هو حجة يجب اتباعها؟ والصحيح أن كليهما حجة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وهذا حديث صحيح في
    السنن، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ، لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللهِ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا)
    (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وفيه نظر، وكذلك إجماع أهل المدينة النبوية في زمن الخلفاء الراشدين هو بهذه المنزلة.
    وكفى بهذا النقل وترجيح شيخ الإسلام له في الرد على من جهل مذاهب أهل العلم، ومواطن الاختلاف والاتفاق.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 7 مايو 2024 - 3:43